للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشفاعة تنفع العصاة من أهل الملة حتى لا يبقى منهم أحد إلا دخل الجنة، والجواب عن الآية الأولى ما قاله أنس بن مالك أن معنى من يدخل النار: من يخلد.

وقال قتادة: يدخل مقلوب يخلد (١)، ولا تقل (٢) كما قال أهل حروراء فيكون قوله على هذا: ﴿فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ﴾، على بابه من الهلاك أي أهلكته وأبعدته ومقته، ولهذا قال سعيد بن المسيب: الآية جاءت خاصة في قوم لا يخرجون من النار، ودليله قوله في الآية: ﴿وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾ [البقرة: ٢٧٠] أي الكفار.

وإن قدرنا الآية في العصاة من الموحدين فيحتمل أن يكون الخزي بمعنى الحياء، يقال: خزي يخزي خزاية: إذا استحيا، فهو خزيان، وامرأة خزياء، كذا قال أهل المعاني، فخزي المؤمنين يومئذ: استحياؤهم في دخول النار من سائر أهل الأديان إلى أن يخرجوا منها، والخزي للكافرين هو هلاكهم (٣) فيها من غير موت، والمؤمنون يموتون فافترقوا في الخزي والهوان، ثم يخرجون بشفاعة من أذن الله له (٤) في الشفاعة، وبرحمة الرحمن، وشفاعته على ما يأتي (٥) في الباب بعد هذا، وعند ذلك يكونون مرضيين قد رضي عنهم ثم لا يأتي الإذن في أحد حتى لا يبقى عليه من قصاص ذنبه إلا ما تجيزه الشفاعة فيؤذن فيه فيلحق بالفائزين الراضين، والحمد لله رب العالمين.

وأما قوله تعالى: ﴿يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ﴾ (٦) فمعناه: لا يعذبه ولا يعذب الذين آمنوا وإن عذب العصاة وأماتهم فإنه يخرجهم بالشفاعة وبرحمته على ما يأتي (٧) بيانه في الباب بعد هذا (٨).


(١) (يخلد): ساقطة من (ع).
(٢) في (ع، ظ): ولا نقول.
(٣) في (الأصل): اكلاوهم، والتصويب من (ع، ظ).
(٤) في (ظ): من أذن له.
(٥) ص (٧٩١).
(٦) في (ظ): ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى﴾.
(٧) ص (٧٩١).
(٨) في (ظ): على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>