للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قيل: إن تكرار أنتم شهداء الله في الأرض ثلاثًا إشارة إلى القرون الثلاثة الذين قال فيهم النبي "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" (١).

قلت: والأول أصح إن شاء الله تعالى؛ لأن الله سبحانه مدح هذه الأمة بالفضل والعدالة إلى يوم القيامة، قال الله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ أي عدلًا خيارًا، ﴿لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ [البقرة: ١٤٣] يعني في الآخرة كما تقدم، ولا يشهد إلا العدول.

وقد خرج البخاري (٢) عن حماد بن زيد عن ثابت عن أنس قال: "مر على النبي بجنازة، فأثنوا عليها خيرًا، فقال: وجبت، ثم مر بأخرى فأثنوا عليها شرًا، أو قال غير ذلك، فقال: وجبت فقيل: يا رسول الله قلت لهذا: وجبت، ولهذا: وجبت، قال: شهادة القوم (٣)، والمؤمنون شهداء الله في الأرض".

وخرجه ابن ماجه (٤) بهذا الإسناد وقال: "شهادة القوم، والمؤمنون شهداء الله في الأرض".

وفي بعض طرق البخاري (٥) أيضًا عن عمر قال النبي : "من شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة، فقلنا: وثلاثًا؟ قال: وثلاثة، فقلنا: واثنان؟ قال: واثنان ثم لم نسأله عن (٦) الواحد".

قال أبو محمد عبد الحق (٧): "وهذا الحديث مخصوص، والله أعلم،


(١) أخرجه البخاري ٢/ ٩٣٨، ح ٢٥٠٨؛ ومسلم ٤/ ١٩٦٣، ح ٢٥٣٣ مع اختلاف يسير في اللفظ.
(٢) في صحيحه ٢/ ٩٣٤، ح ٢٤٩٩.
(٣) شهادة القوم: هكذا في الأصل و (ع) والبخاري، وفي (ظ): شهادة القوم المؤمنين.
(٤) في سننه ١/ ٤٧٨، ح ١٤٩١؛ والبيهقي في الكبرى ١٠/ ١٢٣، ح ٢٠١٧٦، صححه الألباني، انظر: صحيح سنن ابن ماجه ١/ ٢٤٩ - ٢٥٠، ح ١٢١١.
(٥) في صحيحه ١/ ٤٦٠، ح ١٣٠٢.
(٦) في (الأصل): على، والتصويب من (ع، ظ، البخاري).
(٧) في العاقبة له ص (١٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>