للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال العتبي: البله الذين (١) غلبت عليهم سلامة الصدر، وحسن الظن بالناس وأنشد:

ولقد لهوت بطفلة ميالة … بلهاء تطلعني على أسرارها

يعني: أنها غر لا دهاء فيها (٢).

قلت: ونظير ما ذكرناه، وما قاله هؤلاء الأئمة من الكتاب قوله الحق: ﴿إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٩)[الشعراء: ٨٩]، وقوله : وقد سئل: "أي الناس أفضل؟ فقال: الصادق اللسان، المخموم القلب، قالوا: هذا الصادق اللسان قد عرفناه، فما المخموم القلب (٣)؟ قال: هو النقي الذي لا غل فيه ولا حسد (٤) ".

ذكره أبو عبيد (٥)، والعرب تقول: خممت البيت: إذا كنسته، ومنه سميت الخمامة، وهي مثل القمامة والكناسة.

وقال بعض العلماء (٦): في البله وجه آخر لطيف: وهو أنهم سموا بذلك لقصورهم أي عن كمال المعرفة بحق الله ﷿، ورؤية استحقاقه للعبادة، وإيثار طلبه، والشغف بحبه، وخدمته، وطلب رضاه الذي هو حبه إذ وقفوا بخواطرهم على الجنة ونعيمها وعبدوه وأطاعوه في نيل درجاتها ولذاتها غافلين عن مراقبة عزة جلاله، وملاحظة جلاله (٧) بعكوف هممهم على نيل نعمه وأفضاله، فهم بله أيضًا بالإضافة إلى العقلاء عن الله [﷿ ذوي الألباب المقبلة على شهادة نيل عظمة الله المتوجهين] (٨) بكليتهم إليه المشغولين به عما لديه، ولهذا قال في سياق قوله: أكثر أهل الجنة: البله، وعليون لأولي الألباب.

وفي الخبر (٩) أن طائفة من العقلاء بالله ﷿ تزفها الملائكة إلى الجنة


(١) في (ظ): هم الذين.
(٢) في (ع): لها.
(٣) (قالوا: هذا الصادق اللسان قد عرفناه، فما المحموم القلب): ليست في (ظ).
(٤) وانظر: المعنى نفسه في النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير ٢/ ٨١.
(٥) في غريب الحديث له ٣/ ١١٨.
(٦) لم أقف على القائل.
(٧) (جلاله): ليست في (ظ)، وفي (ع): جماله.
(٨) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ).
(٩) لم أقف عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>