للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شكى إلي جملي طول السرى … شكوى جميلًا فكلانا مبتلى

والأول أصح؛ إذ لا استحالة في ذلك، وقد قال وهو أصدق القائلين: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ (١) الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ﴾ [الأنعام: ٥٧]، وقد تقدم (٢) من كلامها: "لا إله إلا الله وعزتك وعظمتك" (٣).

وقال تعالى: ﴿كَلَّا إِنَّهَا لَظَى (١٥) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (١٦) تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (١٧) وَجَمَعَ فَأَوْعَى (١٨)[المعارج: ١٥ - ١٨] ﴿أَدْبَرَ﴾، أي عن الإيمان، ﴿وَتَوَلَّى﴾ أي أعرض عن اتباع الحق، ﴿وَجَمَعَ﴾ يعني المال، ﴿فَأَوْعَى﴾ أي جعله في وعاء أي كثره ولم ينفقه في طاعة الله] (٤).

وقال ابن عباس : تدعو الكافر والمنافق بلسان فصيح تلتقطهم (٥)، كما يلتقط الطير الحب.

قلت: قول ابن عباس هذا قد جاء معناه مرفوعًا، وهو يدل على أن المراد بالشكوى والحجة الحقيقة.

ذكر رزين أن رسول الله قال: "من كذب علي متعمدًا فليتبوأ بين عيني جهنم مقعدًا، قيل: يا رسول الله ولها عينان؟ قال: أما سمعتم الله تعالى يقول: ﴿إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (١٢)[الفرقان: ١٢]، يخرج عنق من النار له عينان يبصران ولسان ينطق، فيقول: وكلت بمن دعا (٦) مع الله إلهًا آخر، فلهو أبصر بهم من الطير بحب السمسم، فيلتقطه" (٧).


(١) في (الأصل): يقضي، وإن كانت قراءة كما مرَّ إلا أن ما أثبته من (ع، ظ، م).
(٢) ص (٨٥٠).
(٣) (وقد تقدم من كلامها: لا إله إلا الله وعزتك وعظمتك): ليست في (ع، ظ)، والأصل متوافق مع (م).
(٤) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ)، وفي الأصل الآيات فقط مضافًا قوله تعالى: ﴿وَجَمَعَ فَأَوْعَى (١٨)﴾ [المعارج: ١٨]، والأصل متوافق مع (م).
(٥) في (ع): تلتقطه.
(٦) في (الأصل): جعل، والتصويب من (ع، ظ، م، الترمذي).
(٧) روي نحوه الطبراني في الكبير عن أبي أمامة ٨/ ١٣١، ح ٧٥٩٩؛ والطبري في تفسيره ١٨/ ١٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>