للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى قوله: ويضعها على اليهود والنصارى: أنه يضاعف (١) عليهم عذاب ذنوبهم حتى يكون عذابهم بقدر جرمهم وجرم مذنبي المسلمين لو أخذوا بذلك؛ لأنه تعالى لا يأخذ أحدًا بذنب أحد، كما قال: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام: ١٦٤]، وله سبحانه أن يضاعف لمن يشاء العذاب، ويخفف عمن يشاء بحكم إرادته ومشيئته إذ ﴿لَا يُسْأَلُ (٢) عَمَّا يَفْعَلُ﴾ [الأنبياء: ٢٣].

قالوا: وقوله في الرواية الأخرى: "لا يموت رجل مسلم إلا أدخل الله تعالى مكانه يهوديًا أو نصرانيًا"، فمعنى ذلك: أن المسلم المذنب لما كان يستحق مكانًا من النار بسبب ذنوبه وعفا الله عنه وبقي مكانه خاليًا منه أضاف الله ذلك (٣) المكان إلى يهودي أو نصراني ليعذب فيه زيادة على التعذيب مكانه الذي يستحقه بحسب كفره، ويشهد لهذا قوله في حديث أنس للمؤمن الذي يثبت عند السؤال في القبر، فيقال له: "انظر إلى مقعدك من النار، قد أبدلك الله به من الجنة".

قلت: قد جاءت أحاديث دالة على أن لكل مسلم مذنبًا كان أو غير مذنب منزلين، منزلًا في الجنة ومنزلًا في النار، وذلك هو معنى قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (١٠)[المؤمنون: ١٠]، أي يرث المؤمنون (٤) منازل الكفار ويحصل الكفار في منازلهم في النار على ما يأتي (٥) بيانه إن شاء الله تعالى، وهو مقتضى حديث أنس عن النبي أن العبد إذا وضع في قبره الحديث، وقد تقدم (٦)، إلا أن هذه الوراثة تختلف، فمنهم من يرث [ولا حساب عليه، ومنهم من يرث] (٧) بحساب ومناقشة بعد الخروج من النار حسب ما تقدم (٨) من أحوال الناس، والله أعلم.

وقد قيل: يحتمل أن يسمى الحصول على الجنة وراثة من حيث حصلوها


(١) في (ظ): يضعف.
(٢) (لا يسأل): ليست في (ع).
(٣) (الله ذلك): ليست في (ظ).
(٤) في (الأصل) المذنبون، والتصويب من (ع، ظ).
(٥) ص (٩٢٣).
(٦) ص (٣٤٨).
(٧) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ).
(٨) ص (٩٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>