للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقول العرب: ثل عرش فلان: إذا ذهب ملكه وسلطانه، فالمعنى: وينساهم الرحمن على عرشه، أي ما هو عليه من الملك والسلطان والعظمة والجلال، لا يعبأ بهم ولا يلتفت إليهم لما حكم به في الأزل عليهم من خلودهم في النار، ﴿وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ [الأعراف: ٤٠].

وأجمع العلماء: أهل السنة (١) على أن أهل النار مخلدون فيها غير خارجين منها كإبليس وفرعون وهامان وقارون وكل من كفر وتكبر وطغى فإن له جهنم (٢) لا يموت فيها ولا يحيى، وقد أوعدهم الله عذابًا أليمًا.

وقال عز من قائل: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ [النساء: ٥٦] (٣).

وأجمع أهل السنة أيضًا على أنه لا يبقى فيها مؤمن ولا يخلد فيها إلا كافر جاحد فاعلمه.

قلت: وقد زلّ هنا بعض من ينتمي إلى العلم [والعلماء] (٤) فقال: إنه يخرج من النار كل كافر وجاحد ومبطل ويدخل الجنة وأنه جائز في العقل أن تنقطع صفة الغضب فيُعكس عليه فيقال: فكذلك يجوز أن تنقطع صفة الرحمة فيلزم عليه أن يدخل الأنبياء والأولياء النار يعذبون فيها، وهذا فاسد مردود بوعده الحق وقوله الصدق، و (٥) قال الله تعالى في حق أهل الجنان: ﴿عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ [هود: ١٠٨] أي غير مقطوع، وقال تعالى: ﴿وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ﴾ [الحجر: ٤٨]، وقال: ﴿لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ [فصلت: ٨]، وقال: ﴿لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (٢١) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ [التوبة: ٢١ - ٢٢]، وقال في حق الكافرين: ﴿وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾، [وقال: ﴿فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ﴾ [الجاثية: ٣٥]] (٦) وهذا واضح، وبالجملة فلا مدخل للعقول (٧) فيما


(١) في (ظ): وأهل السنة.
(٢) في (ظ): فإن له نار جهنم.
(٣) لا إن الله كان عزيزًا حكيمًا ليست في (ع، ظ).
(٤) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ).
(٥) (الواو): ليست في (ع، ظ)
(٦) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ).
(٧) في (ع، ظ): للمعقول.

<<  <  ج: ص:  >  >>