للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليجعلوه كائنا لم يقدروا عليه، جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة، وما أخطأ العبد لم يكن ليصيبه وما أصابه لم يكن ليخطئه.

وعلى العبد أن يعلم أن الله قد سبق علمه في كل كائن من خلقه، فقدر ذلك تقديرا محكما مبرما، ليس فيه ناقض ولا معقب ولا مزيل ولا مغير، ولا ناقص ولا زائد من خلقه في سماواته وأرضه، وذلك من عقد الإيمان وأصول المعرفة والاعتراف بتوحيد الله تعالى وبربوبيته، كما قال تعالى في كتابه: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} (١) وقال تعالى {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} (٢)

فويل لمن صار لله تعالى في القدر خصيما، وأحضر للنظر فيه قلبا سقيما، لقد التمس بوهمه في فحص الغيب سرا كتيما، وعاد بما قال فيه أفاكا أثيما.

والعرش والكرسي حق، وهو مستغن عن العرش وما دونه، محيط بكل شيء وفوقه، وقد أعجز عن الإحاطة خلقه. ونقول: إن الله اتخذ إبراهيم خليلا، وكلم الله موسى تكليما، إيمانا وتصديقا وتسليما، ونؤمن بالملائكة والنبيين والكتب المنزلة على المرسلين، ونشهد أنهم كانوا على الحق المبين.

ونسمي أهل قبلتنا مسلمين مؤمنين، ما داموا بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم معترفين، وله بكل ما قاله وأخبر مصدقين، ولا نخوض في الله، ولا نماري في دين الله، ولا نجادل في القرآن ونشهد أنه كلام رب العالمين نزل به الروح الأمين، فعلمه سيد المرسلين محمدا صلى الله عليه وسلم وهو كلام الله تعالى، لا يساويه شيء من كلام المخلوقين، ولا نقول بخلقه ولا نخالف


(١) سورة الفرقان الآية ٢
(٢) سورة الأحزاب الآية ٣٨

<<  <  ج: ص:  >  >>