المعتضد، وولي المكتفي فلم يطل عمره، ومات وولي المقتدر، فكانت الصورة كما قاله المعتضد بعينها، فكنت كلما وقفت على رأس المقتدر وهو يشرب ورأيته قد دعا بالأموال فأخرجت إليه وحللت البدر وجعل يفرقها على الجواري والنساء ويلعب بها ويمحقها ويهبها، ذكرت مولاي المعتضد وبكيت.
قال: وقال صافي: كنت يوما واقفا على رأس المعتضد، فقال: هاتم فلانا الطيبي، خادم يلي خزانة الطيب، فأحضر، فقال له: كم عندك من الغالية؟ فقال: نيف وثلاثون حبا صينيا مما عمله عدة من الخلفاء. قال: فأيها أطيب؟ قال: ما عمله الواثق. قال: أحضرنيه. فأحضره حبا عظيما يحمله خدم عدة بدهق ومصقلة، ففتح فإذا بغالية قد ابيضت من التعشيب وجمدت من العتق في نهاية الذكاء، فأعجبت المعتضد وأهوى بيده إلى حوالي عنق الحب، فأخذ من لطاخته شيئا يسيرا من غير أن يشعث رأس الحب، وجعله في لحيته وقال: ما تسمح نفسي بتطريق التشعيث على هذا الحب، شيلوه. فرفع، ومضت الأيام، فجلس المكتفي للشرب يوما وهو خليفة، وأنا قائم على رأسه، فطلب غالية، فاستدعى الخادم وسأله عن الغوالي، فأخبره بمثل ما كان أخبر به أباه، فاستدعى غالية الواثق، فجاءه بالحب بعينه