وأرض المدينة سبخة، فأمهل حتى تبرد. فقال: لا، لأن لابن جبر الحناط علي مائة دينار قد منعتني القائلة وضيقت على عيالي. فاكتريت حمارين، فركبنا، فمضيت معه حتى انتهينا إلى الحمراء قصر الحسن بن زيد، فصادفناه يصلي العصر، فأقبل على ابن هرمة فقال: ما جاء بك في هذا الوقت والحر شديد؟ فقال: لابن جبر الحناط علي مائة دينار قد منعتني القائلة وضيقت على عيالي، وقد قلت شعرا فاسمعه. فقال: قل. فأنشأ يقول [من البسيط]:
أما بنو هاشم حولي فقد رفضوا نبلي الصياب التي جمعت في قرن فما بيثرب منهم من أعاتبه إلا عوائد أرجوهن من حسن الله أعطاك فضلا من عطيته على هن وهن فيما مضى وهن فقال: يا غلام، افتح باب تمرنا فبع منه بمائة دينار وأحضر ابن جبر الحناط، وليكن معه ذكر دينه وماله على ابن هرمة، فحضر فأخذ منه ذكر دينه فدفعه إلى ابن هرمة، وسلم إلى ابن جبر مائة دينار وقال: يا غلام، بع بمائة دينار أخرى وادفعها إلى ابن هرمة يستعين بها على حاله. فقال له ابن هرمة: يا سيدي، مر لي بحمل ثلاثين حمارا تمرا لعيالي. قال: يا غلام، افعل ذلك. فانصرفنا من عنده، فقال لي: ويحك! أرأيت نفسا أكرم من هذه النفس أو راحة أندى من هذه الراحة؟! فإنا لنسير على السيالة إذا غامز قد غمز ابن هرمة، فالتفت إليه فإذا هو عبد الله بن حسن بن حسن، فقال: يا دعي الأدعياء، أتفضل علي وعلى أبي الحسن بن زيد؟ فقال: والله ما فعلت هذا!
أخبرنا علي بن الحسين صاحب العباس قال: أخبرنا علي بن الحسن الرازي قال: أخبرنا أبو علي الكوكبي قال: حدثنا محمد بن علي بن حمزة العلوي قال: حدثني ابن أبي سلمة قال: حدثني أبي قال: كنت ببغداد عند باب الذهب، قال: فقيل: الحسن بن زيد يخرج من السجن ينازع محمد