زرعة وجئتني؟! لقيت مالك بن أنس وغيره فما رأت عيناي مثله.
وقال أيضا: سمعت فضلك الصائغ يقول: دخلت على الربيع بمصر؛ فقال لي: من أين أنت؟ قلت: من أهل الري، أصلحك الله، من بعض شاكردى أبي زرعة؛ فقال: تركت أبا زرعة وجئتني؟! إن أبا زرعة آية، وإن الله إذا جعل إنسانا آية أبان من شكله حتى لا يكون له ثان.
قال: حدثنا أبو طالب الدسكري، قال: أخبرنا أبو بكر ابن المقرئ، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني قاضي الرملة بمصر، قال: سمعت يونس بن عبد الأعلى سنة تسع وخمسين ومائتين يقول - وذكر أبا زرعة الرازي -؛ فقال: أبو زرعة آية، وإذا أراد الله أن يجعل عبدا من عباده آية جعله.
أخبرني أبو زرعة الرازي إجازة، قال: أخبرنا علي بن محمد بن عمر، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، قال: حضر عند أبي زرعة محمد بن مسلم، والفضل بن العباس المعروف بالصائغ؛ فجرى بينهم مذاكرة؛ فذكر محمد بن مسلم حديثا فأنكر فضل الصائغ؛ فقال: يا أبا عبد الله ليس هكذا هو؛ فقال: كيف هو؟ فذكر رواية أخرى؛ فقال محمد بن مسلم: بل الصحيح ما قلتُ والخطأ ما قلتَ. قال فضلك: فأبو زرعة الحاكم بيننا؛ فقال محمد بن مسلم لأبي زرعة: أيش تقول أينا المخطئ؟ فسكت أبو زرعة ولم يجب؛ فقال محمد بن مسلم: ما لك سكت؟ تكلم. فجعل أبو زرعة يتغافل فألح عليه محمد بن مسلم، وقال: لا أعرف لسكوتك معنى، إن كنت أنا المخطئ فأخبر، وإن كان هو المخطئ فأخبر؛ فقال: هاتوا أبا القاسم ابن أخي. فدعي به؛ فقال: اذهب فادخل بيت الكتب فدع القمطر الأول والقمطر الثاني والقمطر الثالث، وعد ستة عشر جزءا وائتني بالجزء السابع عشر؛ فذهب فجاء بالدفتر فدفعه إليه؛ فأخذه أبو زرعة فتصفح الأوراق وأخرج الحديث