سمعت الكسائي يقول: بعد ما قرأت القرآن على الناس رأيت النبي ﷺ في المنام، فقال لي: أنت الكسائي؟ قلت: نعم يا رسول الله، قال: علي بن حمزة؟ قلت: نعم يا رسول الله. قال: الذي أقرأت أمتي بالأمس القرآن؟ قلت: نعم يا رسول الله، قال: فاقرأ علي، قال: فلم يتأت على لساني إلا والصافات، فقرأت عليه:(وَالصَّافَّاتِ صَفًّا)(فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا)(فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا)، فقال: أحسنت، ولا تقل:(وَالصَّافَّاتِ صَفًّا)، نهاني عن الإدغام، ثم قال لي: اقرأ فقرأت حتى انتهيت إلى قوله تعالى (فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ)، فقال: أحسنت، ولا تقل: يزفون، ثم قال: قم، فلأباهين بك، شك الكسائي، القراء، أو الملائكة.
أخبرني محمد بن جعفر بن علان الوراق، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر بن محمد بن الفرج الخلال، قال: حدثنا أحمد بن الحسن المقرئ دبيس، قال: حدثني محمد بن أحمد بن غزال الإسكاف، قال: كان رجل يجيئنا يغتاب الكسائي ويتكلم فيه فكنت أنهاه، فما كان ينزجر، فجاءني بعد أيام، فقال لي: يا أبا جعفر، رأيت الكسائي في النوم أبيض الوجه، فقلت له: ما فعل الله بك يا أبا الحسن؟ قال: غفر لي بالقرآن إلا أني رأيت النبي ﷺ، فقال لي: أنت الكسائي، فقلت: نعم يا رسول الله، قال: اقرأ. قلت: وما أقرأ يا رسول الله؟ قال: اقرأ (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا)، قال: فقرأت (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا)(فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا)(فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا)(إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ) فضرب بيده كتفي، وقال: لأباهين بك الملائكة غدا.
أخبرنا هلال بن المحسن، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الجراح، قال: حدثنا أبو بكر بن الأنباري، قال: اجتاز الكسائي بحلقة يونس بالبصرة، وكان شخص مع المهدي إليها، فاستند إلى أسطوانة تقرب من حلقته، فعرف يونس مكانه، فقال: ما تقول في قول الفرزدق [من الطويل]: