للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العين، وهم الذين يعتذرون بالباطل، وهم جماعة من الأعراب جاؤوا يعتذرون ولا عذر لهم، وقرأ يعقوب ومجاهد: المعذرون بالتخفيف، وهم المبالغون في العذر، يقال في المثل: «لقد أعذر من أنذر» قال ابن إسحاق: إنهم نفر من بني غفار وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ: يعني المنافقين. قال أبو عمرو بن العلاء: كلا الفريقين كان سيئا، قوم تكلّفوا عذرا بالباطل، وقوم تخلّفوا من غير تكلف عذر، فقعدوا جرأة على الله تعالى، فأوعدهم الله بقوله: سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ.

ثم بيّن الله تعالى الأعذار التي لا حرج على من قعد عن القتال بسببها، سواء ما كان منها لازما لا ينفك عن صاحبه، أو عارضا، فقال: لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ، وَلا عَلَى الْمَرْضى، وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ: طريق بالعقوبة والمؤاخذة وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ: بهم وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ لتوفر لهم الظهر والنفقة قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ: وهم البكاؤون كما أسلفنا.

وفي الصحيحين من حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وهو راجع من تبوك: «إن بالمدينة أقواما ما قطعتم واديا ولا سرتم مسيرا إلا وهم معكم» قالوا وهم بالمدينة؟ قال: «نعم، حبسهم العذر» إِنَّمَا السَّبِيلُ: الحجة بالعقوبة عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِياءُ، رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ: النساء جمع خالفة وَطَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ: بسوء اختيارهم فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ:

النافع من الضار.

ثم أعلم الله نبيه بأنه عند رجوعه إلى المدينة سيأتي المنافقون المتخلّفون يعتذرون، وأوصاه بأن لا يصدقهم فقال: يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ، قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ: لن نصدقكم قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ فيما سلف وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ: فيما يستقبل، أتتوبون من نفاقكم أم تقيمون عليه، ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>