يَقُولُوا: قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ: أي حذرنا بالقعود عن الغزو وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ: بما نالكم من مصيبة قُلْ لهم يا محمد: لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا: هو تعزّ بالقضاء بعد نزول البلاء، ولن يخفف عن الإنسان ألم المصيبة إلا الإيمان بالقدر خيره وشره، وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك هُوَ مَوْلانا: ناصرنا وحافظنا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ: ونحن متوكلون عليه وهو حسبنا ونعم الوكيل قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ: إما النصر والغنيمة، أو الشهادة والمغفرة وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ: فيهلككم كما أهلك الأمم الخالية أَوْ بِأَيْدِينا بالقتل أو السبي فَتَرَبَّصُوا: ما وعدكم به الشيطان إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ ما وعدنا الله به قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً: أي طائعين أو مكرهين. قيل نزلت في الجدّ بن قيس حين اعتذر وقال: أعينكم بمالي لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ: عاصين لله ورسوله.
وبعد أن ذكر الله سبحانه أصنافا من المنافقين ومقالاتهم ونيلهم من النبي والمسلمين رجع إلى أخبار تبوك فقال: فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ: أي مخالفين له أو متخلّفين بعده وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ: أي قال بعضهم لبعض ذلك قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ. فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا: في الدنيا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً: في الاخرة جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ: من النفاق فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ: أي ردّك، والمراد بالطائفة الذين تخلفوا نفاقا فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ معك في غزوة أخرى فَقُلْ: لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً في سفر وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا، إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ:
يعني في غزوة تبوك فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ: الرجال الذين تخلّفوا بغير عذر وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً ... : نزلت بسبب صلاة النبي على ابن أبيّ المنافق كما سيأتي، وحكمها عامّ في كل من عرف نفاقه.
قال تعالى: وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ المعذرون: قرىء بالتشديد من عذر في الأمر إذا قصر فيه، وحقيقته أن يوهم أن له عذرا فيما فعل ولا عذر له، أو أصله المعتذرون أدغمت التاء في الذال ونقلت حركتها إلى