للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المغيرة بن شعبة، فلما راهم ذهب يشتدّ إلى رسول الله يبشره بقدومهم، فلقيه الصدّيق فأخبره عنهم وأنهم قدموا يريدون البيعة والإسلام إن شرط لهم شروطا، ويكتبوا لهم كتابا، فأقسم عليه الصديق ألايسبقه حتى يبشر هو الرسول بمقدمهم، فقبل ودخل الصديق على رسول الله فبشره. ثم خرج إليهم المغيرة فعلّمهم كيف يحيّون رسول الله، فلما قدموا على الرسول حيّوه بتحية الجاهلية، وضربت لهم قبة بالمسجد النبوي ليكون ذلك أدعى إلى دخولهم في الإسلام، والتأدب بادابه.

وكان خالد بن سعيد بن العاص هو الذي يسعى بينهم وبين الرسول، وهو الذي كتب لهم كتابهم، وكان فيما اشترطوا على رسول الله أن يدع لهم الطاغية «١» ثلاث سنين فأبى، فسألوه سنة فأبى، فسألوه شهرا بعد مقدمهم ليتألّفوا سفهاءهم فأبى عليهم أن يدعها شيئا ما. وهكذا الأنبياء لا يفرطون في التوحيد قيد شعرة.

وسألوه أيضا ألايصلّوا، ولا يكسروا أصنامهم بأيدهم فقال: «أما كسر أصنامكم بأيديكم فسنعفيكم من ذلك، وأما الصلاة فلا خير في دين لا صلاة فيه» .

واشترطوا على رسول الله مع ذلك ألايحشروا، ولا يعشروا ولا يجبوا «٢» ، ولا يستعمل عليهم غيرهم، فأعطاهم ذلك رواه أحمد، ثم قال:

«سيتصدقون، ويجاهدون إذا أسلموا» ، يعني أنهم سيقبلون الجهاد، ويخرجون الزكاة إذا انشرحت صدورهم للإسلام، وهذا ما كان، ثم سألوه عن الزنا، والربا، والخمر فحرم عليهم كل ذلك «٣» .


(١) صنم ثقيف وهي اللات.
(٢) ألايحشروا: لا يندبوا إلى المغازي، ولا تضرب عليهم البعوث، ولا يعشروا ولا يجبوا أي لا تؤخذ منهم صدقاتهم.
(٣) البداية والنهاية، ج ٥ ص ٢٩- ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>