للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيصر وما هما فيه، وما رأى في المشربة فقال له: «يا عمر أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الاخرة، أولئك قوم قد عجّلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا» «١» .

فلما انقضى الشهر نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله سبحانه- معاتبا نبيه، ومخوفا ومحذرا نساءه- قوله:

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.

قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ. وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ. إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ. عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً «٢» .

فكفّر رسول الله عن يمينه. وتاب نساؤه إلى الله ورسوله.

وكان عمر رضي الله عنه لما دخل على رسول الله فوجده مغضبا قال له:

يا رسول الله ما يشق عليك من شأن النساء، فإن كنت طلقتهن فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكائيل وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك. وقال لنسائه: (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن) فنزلت الاية على ذلك، وعدّ هذا من موافقات عمر رضي الله عنه.

وذكر النسائي وابن جرير وابن مردويه وغيرهم أن نزول صدر سورة التحريم كان بسبب تحريم مارية القبطية، ذلك أن حفصة كانت استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في زيارة أبيها فأذن لها، فأرسل إلى جاريته مارية وباشرها في يوم حفصة وعلى فراشها، فلما عادت وعلمت بما كان صارت تبكي وتقول: أما رأيت


(١) صحيح مسلم بشرح النووي، ج ١٠ ص ٨٣؛ وفتح الباري، ج ١٠ ص ٥٣٤.
(٢) سورة التحريم: الايات ١- ٥. سائحات: أي صائمات.

<<  <  ج: ص:  >  >>