للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكنها لم تعمل بما أوصاها به وأخبرت بذلك عائشة، وفي رواية عند مسلم أن التي شرب عندها العسل حفصة، وأن اللاتي تظاهرن عائشة، وسودة، وصفية، وأنه لما أخبرهن بشرب العسل عند حفصة قالت كل واحدة منهن: جرست نحله «١» العرفط، وأنه لما عرضت عليه حفصة أن تسقيه عسلا مرة أخرى امتنع وقال: «لا حاجة لي به» والأول هو الأصح «٢» ، وهو الأليق بسياق الاية.

وفي الصحيحين عن عمر: أن المتظاهرتين هما عائشة وحفصة، وقد كانت هذه المؤامرة سببا في اعتزال النبي نساءه شهرا. وفي الصحيحين أن عمر لما أخبره جاره الأنصاري أن رسول الله اعتزل نساءه قال: رغم أنف حفصة وعائشة، وذهب إلى عائشة فذكّرها وحذّرها؛ ثم ذهب إلى ابنته فوبّخها وعنّفها، وقال لها: والله لقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحبك، ولولا أنا لطلقك، فبكت أشد البكاء.

ثم قصد إلى رسول الله في مشربة له يرقى إليها بدرج وعلى الباب غلام اسمه رباح، فقال: يا رباح استأذن لي على رسول الله، فلم يأت رباح بجواب، فرفع صوته وقال: استأذن لي على رسول الله فإني أظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظنّ أني جئت من أجل حفصة، والله لئن أمرني رسول الله بضرب عنقها لأضربن عنقها!! فأشار إليه الغلام: أن أذن لك، فدخل على رسول الله وما زال يلاطفه حتى تبسم.

ثم نظر عمر في المشربة فوجد رسول الله على حصير قد أثر في جنبه، وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف، وفيها قرظ مجموع، وأهب «٣» معلّقة، وفرق من شعير، فبكى فقال رسول الله: «ما يبكيك يا عمر؟» فذكر كسرى


(١) جرست: أكلت.
(٢) صحيح مسلم بشرح النووي ج ١ ص ٧٣- ٩٣، صحيح البخاري- كتاب التفسير- سورة التحريم.
(٣) القرظ: يدبغ به الجلد. أهب بضم الهمزة والهاء وبفتحها جمع إهاب: وهو الجلد.

<<  <  ج: ص:  >  >>