للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (٦) «١» .

والقران الكريم هو الشاهد والمهيمن على الكتاب السماوية السابقة، فما جاء به هو الحق، وما خالفه باطل.

ومع أن اليهود والنصارى قد حرّفوا التوراة والإنجيل ولا سيما فيما يتصل بالنبي من أوصاف وبشارة، فقد بقي من نصوصهما نبوات تدل على البشارة بالنبي، وبعضها يكاد يكون نصا في هذا.

ففي التوراة وردت نبوءة على لسان موسى عليه السلام: «أقيم لهم نبيا من وسط إخوتهم مثلك، وأجعل كلامي في فمه، فيكلمهم بكل ما أوصيه به» «٢» . وهذا واضح وضوح الشمس في رابعة النهار أن المراد به نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، وأن المراد بإخوتهم أبناء إسماعيل عليه السلام، وليس في الأنبياء الذين جاؤوا من بعد موسى في تعاقب مستمر، حتى ظهور عيسى من ادّعى أنه النبي الموعود في هذه النبوءة، ولا يمكن أن يحمل على أحد من خلفائه من أنبياء بني إسرائيل الذين جاؤوا لتنفيذ شريعته، لأنهم ليس فيهم أحد مثله، وقد نص في اخر سفر التثنية على أنه لم يقم في بني إسرائيل نبي مثله.

وكان أمر النبوءة معروفا لدى الخاصة والعامة من اليهود الذين انتظروا جيلا بعد جيل ظهور نبي مثل موسى، ويؤيد هذا تأييدا قويا ذلك الحوار الذي دار بين يوحنا المعمدان «٣» وأولئك الذين وفدوا عليه ليسألوه: من أنت؟ فاعترف ولم ينكر، وأقر أني لست المسيح، فسألوه: إذن ماذا؟ إيليا أنت؟ فقال: لست


(١) الاية ٦ من سورة الصف.
(٢) سفر تثنية الاشتراع الإصحاح ١٨ الفقرة ١٨.
(٣) هو يحيى عليه السلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>