للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنا؟ ذلك النبي أنت؟ فأجاب: لا، فقالوا: ما بالك إذن تعمد إذ كنت لست إيليا، ولا المسيح، ولا النبي «١» .

فهذا النص يدل على نحو يقيني أن اليهود كانوا يترقبون ظهور ثلاثة أنبياء مختلفين: أولهم (إيليا) الذي اعتقدوا أنه سوف يظهر بشخصيته كرة أخرى على هذه الأرض، وثانيهم المسيح، وثالثهم نبي ذو شهرة إلى درجة رأوا معها أنه ليس من الضروري نعته بأي وصف مميز، كأن قولهم: «ذلك النبي» كاف للدلالة على ما يعنون، وبذلك تعيّن أن يكون المراد بالنبي هو نبينا محمدا صلّى الله عليه وسلّم.

وإذا قلبنا صفحات التاريخ لم نجد أيما نبي غير نبينا محمد أعلن أنه النبي الذي بشر موسى بظهوره، ولم نجد أيما كتاب مقدس غير القران أشار إلى تحقيق النبوءة في شخص امرىء ما.

ثم إن الواقع يؤيد هذا، فقد كان موسى- عليه السلام- صاحب شريعة، وكذلك كان محمد عليه الصلاة والسلام صاحب شريعة مستقلة، وليس بين الأنبياء الإسرائيليين نبي جاء قومه بشريعة جديدة، ومن هنا كان النبي محمد بوصفه النبي الوحيد الذي أعطي شريعة، هو واحده النبي الذي هو مثل موسى.

وهناك نبوءة أخرى تكاد تكون صريحة أيضا في البشارة بالنبي، ففي التوراة: «جاء الرب من سيناء، وأشرق لهم من ساعير، وتلألأ من جبل فاران» «٢» ، فالمجيء من سيناء يشير إلى ظهور موسى، والإشراق من ساعير إشارة إلى ظهور عيسى، وتلألئه من جبل فاران إشارة إلى ظهور نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه، إذ إن التوراة تطلق فاران على أرض الحجاز (مكة) حيث ظهر نبينا محمد عليه الصلاة والسلام.


(١) سفر يوحنا الإصحاح الأول الفقرة ١٩- ٢١.
(٢) تثنية الاشتراع الإصحاح ٢٣ الفقرة ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>