وفي أن الطبقة الهوائية المحيطة بالكرة الأرضية محدودة بثلاثمائة كيلومترا تقريبا، فمن جاوزها صار عرضة للموت المحقق لعدم وجود الهواء الذي لا بدّ منه للحياة.
وهي شبه لا تثبت أمام البحث العلمي الصحيح.
فالإسراء والمعراج أمران ممكنان عقلا أخبر بهما الصادق المصدوق صلّى الله عليه وسلّم في القران الكريم المتواتر، وفي الأحاديث الصحيحة المشهورة، فوجب التصديق بوقوعهما، ومن ادّعى استحالتهما فعليه البيان وهيهات ذلك، وكونهما مستبعدين عادة لا ينهض دليلا ولا شبه دليل على الاستحالة، وهل المعجزات إلا أمور خارقة للعادة كما قال العلماء؟ ولو أن كل أمر لا يجري على سنن العادة مئنّة للإنكار لما ثبت معجزة نبي من الأنبياء.
ثم ما قول المنكرين لمثل هاتين المعجزتين فيما صنعه البشر من طائرات نفاثة، وصواريخ جبارة تقطع الاف الأميال في زمن قليل؟ فإذا كانت قدرة البشر استطاعت ذلك أفيستبعدون على مبدع البشر وخالق القوى والقدر أن يسخر لنبيه «براقا» يقطع هذه المسافة في زمن أقل من القليل؟! ولست أقصد بهذا أن الإسراء والمعراج من جنس ما يقدر عليه الناس، فحاشا لله أن أريد ذلك، وإنما أردت تقريبهما لعقول من ينكرونهما بما هو مشاهد ملموس، فمهما تقدمت العلوم وغزو الفضاء فلا يزال الإسراء والمعراج ايتين ظاهرتين للنبي صلّى الله عليه وسلّم.
وأما شبهة أن المعراج لم يذكر في القران كما ذكر الإسراء فيدفعها ما قدمته من أن المعراج وإن لم يذكر في القران صراحة فقد أشير إليه فيه، ولو سلمنا عدم ثبوته بالقران فلا ينبغي أن يكون ذلك سببا للإنكار، فما الأحاديث إلا مبينة للقران، وشارحة له، ومتممة له، وهي الأصل الثاني من أصول التشريع في الإسلام، ومعرفة الحلال والحرام، والحق من الباطل، والهدى من الضلال، وإثبات الايات والمعجزات، ولو أننا قصرنا الدين ومسائله على القران الكريم فحسب لفرّطنا في كثير من الأحكام والاداب، والايات، والمعجزات الدالة على نبوة النبي صلّى الله عليه وسلّم.