للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما شبهة أن المعراج يترتب عليه الخرق والالتئام- وهو مستحيل- ففكرة قديمة عفى عليها الزمان، وأبطلتها النظريات العلمية الحديثة، فقد انتهى بحث العلماء إلى أن الكون في أصله كان قطعة واحدة، ثم تناثرت أجزاؤه، وانفصل بعضها عن بعض حتى غدا من ذلك العالم كله: علويه وسفليه.

وأعتقد أن هذه الشبهة أضحت غير ذات موضوع بعد التقدم العظيم، والخطوات الواسعة التي خطاها العلماء الكونيون في غزو الفضاء، والتنقل بين الأجواء، والدوران حول الأرض والقمر، وها هم اليوم جادون في الوصول إلى إنزال إنسان على وجه القمر، ومن يدري؟ فلعلهم بعد الوصول إلى القمر يفكرون في الوصول إلى غيره من الكواكب السيارة، ولا ندري ماذا سيتمخض عنه الغد إن شاء الله تعالى.

وإني لأنتهز هذه المناسبة لأؤكد أننا معشر علماء الإسلام الفاهمين للإسلام، والواعين لأصليه: القران والسنة، نرحب بتقدم العلوم والمعارف الكونية، وأننا ندعو إلى الازدياد من هذه العلوم، لأننا على يقين أن تقدم العلوم والكشوف الكونية لا يزيد الإسلام إلا قوة، والقران الكريم والسنة النبوية الصحيحة إلا ثباتا ورسوخا، واقتناعا للعقل والعلم بهما.

وكيف لا نرحب ولا ندعو وهذا قول الحق تبارك وتعالى نقرؤه صباح مساء، ونعتقد صدقه وحقّيته، قال عز شأنه:

سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٥٣) «١» .

بلى وأنا على ذلك من الشاهدين.

وإذا جاز لأناس عاشوا في أزمان ماضية لم تتقدم فيها العلوم الفلكية والكونية استبعاد الإسراء والمعراج، فلا يجوز ذلك قط ممن عاش في عصرنا،


(١) الاية ٥٣ من سورة فصلت.

<<  <  ج: ص:  >  >>