للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضي الله عنها، قالت: (إنما نزل من القران أول ما نزل منه سورة «١» من المفصّل فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء «لا تشربوا الخمر» لقالوا: لا ندع الخمر أبدا، ولو نزل: «لا تزنوا» لقالوا: «لا ندع الزنا أبدا» ) رواه البخاري.

وكما مني المسلمون بمكة بالمشركين والوثنيين منوا في المدينة باليهود والمنافقين، وبذلك أصبح المسلمون في المدينة أمام قوى ثلاث تصارع الإسلام وتحاربه: قوة المشركين، وقوة المنافقين، وقوة اليهود.

وهؤلاء المنافقون وهم خليط من عرب المدينة ويهودها وإن لم يعلنوها حربا سافرة فقد كانوا أشد خطرا على الدعوة من غيرهم، لأن العدو المكاشف أهون شأنا من العدو المخالط المتستر تحت ستار من الخداع والتمويه، وقد شاء الله سبحانه أن يصرع الإسلام هذه القوى الثلاث، وأن يقضي عليها قضاء مبرما وأن يبقى الإسلام خفاق الراية، عالي المنار، يعلو ولا يعلى عليه.

وبعد: فهذا إيجاز لابدّ له من توضيح وإجمال يحتاج إلى كثير من التفصيل، وهذا ما سنعرض له في البحوث الاتية إن شاء الله، فاللهمّ أعن، وسدّد، وحقّق.


(١) لعل مرادها سورة المدثر، فإنها أول ما نزلت بعد فترة الوحي، ففيها الأمر بتوحيد الله وذكر الجنة والنار، أو أن مرادها بالسورة الجنس أي سور من المفصّل، وسور المفصّل ومعظمها نزل بمكة- تدور حول تثبيت العقائد والدعوة إلى الفضائل، وذكر الجنة والنار، وهذا الثاني أرجح.

<<  <  ج: ص:  >  >>