وليس أدل على افترائهم من أن تاريخ الأمم المسيحية في القديم والحديث، شاهد عدل على رد دعواهم، فمنذ فجر المسيحية إلى يومنا هذا، خضبت أقطار الأرض جميعها بالدماء باسم السيد المسيح.
خضّبها الرومان، وخضّبتها أمم أوروبا كلها، والحروب الصليبية إنما أذكى المسيحيون- ولم يذك المسلمون- لهيبها، ولقد ظلّت الجيوش باسم الصليب تنحدر من أوروبا خلال مئات السنين قاصدة أقطار الشرق الإسلامية، تقاتل، وتحارب، وتريق الدماء، وفي كل مرة كان البابوات خلفاء المسيح كما يزعمون- يباركون هذه الجيوش الزاحفة للاستيلاء على بيت المقدس، والبلاد المقدسة عند المسيحية، وتخريب بلاد الإسلام.
أفكان هؤلاء البابوات جميعا هراطقة، وكانت مسيحيتهم زائفة؟! أم كانوا أدعياء جهالا، لا يعرفون أن المسيحية تنكر القتال على إطلاقه؟! أجيبونا أيها المبشّرون والمستشرقون المتعصبون!!.
فإن قالوا: تلك كانت العصور الوسطى عصور الظلام، فلا يحتج على المسيحية بها، فماذا يقولون في هذا القرن العشرين الذي نعيش، والذي يسمونه عصر الحضارة الإنسانية الراقية؟!.
لقد شهد هذا القرن من الحروب التي قامت بها الدول المسيحية، ما شهدت تلك العصور الوسطى المظلمة بل وأشد وأقسى!! ألم يقف «اللورد اللنبي» ممثل الحلفاء: إنجلترا، وفرنسا، وإيطاليا، ورومانيا، وأميركا في بيت المقدس في سنة (١٩١٨) حين استولى عليه في أخريات الحرب الكبرى الأولى قائلا: (اليوم انتهت الحروب الصليبية) ؟!.
وأ لم يقف القائد الفرنسي «غورو» ممثل الحلفاء أيضا- وقد دخل دمشق- أمام قبر البطل المسلم «صلاح الدين الأيوبي» قائلا: (لقد عدنا يا صلاح الدين) ؟!!.
إن الإسلام إنما غزا القلوب وأسر النفوس بسماحة تعاليمه: في العقيدة، والعبادات، والأخلاق، والمعاملات، وادابه في السلم والحرب، وسياسته الممثلة