للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فمشى قوم سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه خبره، وسألوه أن يعطيهم عمرو بن أبي سفيان فيفكوا صاحبهم به، فأعطاهم إياه فأرسلوه إلى أبي سفيان، فخلّى سبيل سعد.

ومن الأسرى: العباس بن عبد المطلب عمّ النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن إسحاق:

لما أمسى رسول الله يوم بدر والأسارى محبوسون بالوثاق بات النبي ساهرا أول الليل، فقال له أصحابه: مالك لا تنام يا رسول الله؟ فقال: «سمعت أنين عمي العباس في وثاقه» ، فأطلقوه فسكت، فنام رسول الله «١» .

وروى الحاكم في المستدرك عن ابن عمر قال: لما أسر العباس فيمن أسر يوم بدر أوعدته الأنصار أن يقتلوه، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «إني لم أنم الليلة من أجل عمي العباس، وقد زعمت الأنصار أنهم قاتلوه» ، فقال عمر:

أفاتيهم؟ فقال: «نعم» فأتى عمر الأنصار فقال لهم: أرسلوا العباس، فقالوا:

لا والله لا نرسله، فقال عمر: فإن كان لرسول الله رضا؟ قالوا: فإن كان له رضا فخذه، فأخذه عمر، فقال له: يا عباس أسلم فو الله لئن تسلم أحب إلي من أن يسلم الخطاب، وما ذاك إلا لما رأيت رسول الله يعجبه إسلامك.

ومع أن النبي تألّم لألمه وهو في الأسر فقد أبى إلا أن يأخذ منه الفداء، وقد فدى نفسه وابني أخويه: عقيل بن أبي طالب، ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب، وحليفه عتبة بن عمرو أحد بني الحارث بن فهر بمائة أوقية من الذهب، ولما قال للنبي: إنه لا مال له قال له: «فأين المال الذي دفنته أنت وأم الفضل، وقلت لها: إن أصبت في سفري فهذا لبنيّ: الفضل، وعبد الله، وقثم» ، فقال: والله إني لأعلم أنك رسول الله، إن هذا شيء ما أعلمه إلا أنا وأم الفضل!!!

ولما قال: إنه خرج مستكرها وإنه كان قد أسلم قال له النبي: «أما ظاهرك فكان علينا، والله أعلم بإسلامك وسيجزيك» ، وكذلك أبى أن يتنازل له الأنصار عن الفداء. روى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك قال: إن


(١) السيرة مع فتح الباري، ج ٧ ص ٢٤٨ ط بولاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>