للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعدوا إسلامي خوفا، ولما أراد الهجرة إلى المدينة منعه أخواه، فبقي بمكة حتى فرّ إلى النبي في عمرة القضاء.

ومن الأسرى: أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس، صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته زينب رضي الله عنها، وهو ابن أخت «١» السيدة خديجة رضي الله عنها، وكان من رجال مكة المعدودين مالا وأمانة وتجارة، وكان تزوجها قبل النبوة، فلما دعا النبي إلى دين الله مشى رجال من قريش إلى أبي العاص فقالوا له: فارق صاحبتك ونحن نزوجك بأي امرأة من قريش شئت، فقال: لا والله إذا لا أفارق صاحبتي، وما أحب أن لي بامرأتي امرأة من قريش!!

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يثني عليه في صهره كما ثبت في صحيح البخاري ويقول: «حدّثني فصدقني، ووعدني فوفى لي» ، وكان أسر ببدر، فلما بعث أهل مكة في فداء أسراهم بعثت السيدة زينب بنت الرسول في فداء زوجها بمال، وفي المال قلادة كانت للسيدة خديجة رضي الله عنها، فأهدتها إليها وأدخلتها بها على أبي العاص، فلما راها رسول الله صلى الله عليه وسلم رقّ لها رقة شديدة، وأهاجت في نفسه ذكرى السيدة الجليلة التي واسته بنفسها ومالها خديجة، فقال لأصحابه: «إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذي لها فافعلوا» ، فقالوا: نعم يا رسول الله، فأطلقوه وردّوا عليها قلادتها.

وكان النبي قد أخذ عليه أن يخلّي سبيل ابنته زينب فوفى بالعهد وأرسلها، فبقيت عند أبيها إلى ما بعد الحديبية، فأسر أبو العاص مرة أخرى، ففر إلى المدينة واستجار بزوجته زينب- وكان الإسلام قد فرّق بينه وبينها- فأجارته، فأقر المسلمون إجارتها له، ورجع إلى مكة ومعه ماله، فأدّى الأمانات إلى أصحابها، ثم عاد إلى المدينة مسلما، فردها النبي صلى الله عليه وسلم إليه بعقد ومهر جديدين على الصحيح.


(١) الروض الأنف، ص ٨١، ٨٣؛ الإصابة، ج ٤ ص ١٢٢؛ والاستيعاب (على هامش الإصابة) ٤ ص ١٢٥- ١٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>