للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى الواقدي بسنده في مغازيه عن رجال من بني عبد الأشهل قالوا:

انكسر سيف سلمة بن حريش يوم بدر، فبقي أعزل لا سلاح معه، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم قضيبا كان في يده من عراجين ابن طاب- نخل بالمدينة رطبها جيد-، فقال: «اضرب به» ، فإذا هو سيف جيد، فلم يزل عنده حتى قتل يوم جسر أبي عبيد «١» .

ومن ذلك ما أعلم به النبي عمه العباس لما اشتكى الفقر، وإخباره بما ترك من مال عند زوجته أم الفضل، وقوله لها: إن هلكت فهذا المال لبنيّ.

وما حدث به عمير بن وهب لما جاء متظاهرا بفداء ابنه، وهو يريد قتل النبي باتفاق مع صفوان بن أمية، فقد أنبأه نبأ المؤامرة، فكانت سببا في إسلامه وصدق إيمانه.

وما ينبغي لأحد أن يزعم أن المعجزات الحسية لا ضرورة إليها بعد القران، فها هي قد بدت اثارها واضحة جلية في إسلام البعض، وتقوية يقين البعض الاخر، وإثبات أنه نبي يوحى إليه، فقد أخبر بمغيبات انتفى في العلم بها كل احتمال إلا أنه خبر السماء، وغير خفي ما يحدثه انقلاب عود أو عرجون في يد صاحبه سيفا بتارا في إيمانه وتقوية يقينه، وجهاده به جهادا لا يعرف التردد أو الخور، وحرصه البالغ على أن يخوض المعارك بسيف خرقت به العادة، وصار مثلا وذكرى في الأولين والاخرين.


(١) البداية والنهاية، ج ٣ ص ٢٩٠. وفي البداية أبي عبيدة وهو خطأ والصحيح أبي عبيد، وهو أبو عبيد بن مسعود الثقفي وكان عبر الفرات إلى الضفة الاخرى لقتال الفرس على جسر، فلما قتل أبو عبيد جال المسلمون جولة ثم انهزموا، فقطع رجل الجسر حتى لا يفكر أحد من الجيش في الفرار، وكانت خطيئة ترتب عليها أن قتل كثير من المسلمين وتهافتوا في الفرات، ولولا موقف المثنى بن حارثة ومعه بعض أبطال المسلمين لكانت الهزيمة ساحقة ماحقة. (الإصابة، ج ٤ ص ١٣٠؛ والاستيعاب، ج ٤ ص ١٢٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>