للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبلغ السمو الإنساني بالرسول في معاملة عائشة حينما دخل عليها وهي في بيت أبيها وقال لها: «يا عائشة فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه» !!.

يا لعظمة النفس، إن العظيم حقا هو الذي يعلم أن كل بني ادم خطاء، وييسر للمذنبين طريق التوبة، والقوي حقا هو الذي يرحم ضعف الناس!!.

كان يمكن للنبي صلوات الله وسلامه عليه أن يطلق عائشة، وبذلك يستريح من ألم النفس الواصب، ويقطع قالة السوء، ولكن كيف يكون هذا؟

وهو الذي وسع بصدره وخلقه الناس جميعا على اختلاف مشاربهم وفطرهم وطبائعهم، حتى استحق ثناء الحق جل وعلا حيث يقول: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ.

٥- كرامة بيت أبي بكر رضي الله عنه على ربه، فقد شاء الله أن يبرىء عائشة من فوق سبع سماوات، وأن ينزل في شأنها قرانا يتلى إلى يوم الدين، وهذا بعض ما جوزي به رجل دخل في الإسلام من أول يوم، وبذل نفسه وأهله وماله لله ولرسوله، ولم يزد- وقد تلظّى بنار هذه الفتنة- على أن قال: (والله ما قيل لنا هذا في الجاهلية فكيف بعد أن أعزنا الله بالإسلام) !! وما جوزيت به سيدة قدمت للرسول كل خير، ووفرت له كل وسائل الراحة النفسية والبيتية حتى تفرغ لأداء رسالة ربه، ولم تملك حينما نزل بها البلاء؛ وحل المصاب، إلا أن قالت كما قال نبي الله يعقوب عليه الصلاة والسلام: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ «١» .


(١) سورة يوسف: الاية ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>