للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السوء التي نطقتم بها ليس لها ما يسندها من علم أو دليل، وليست نابعة عن اعتقاد وإنما هي شكوك وأراجيف لا تعدو طرف اللسان، وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً، وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ «١»

: هذه جريمة من جرائمهم وهي استصغارهم لذلك وهو عظيمة من العظائم عند الله، ولو لم تكن عائشة زوجة نبي لما كان هينا، فكيف وهي زوجة خاتم الأنبياء، وسيد ولد ادم على الإطلاق، وهي بالمنزلة التي لا تخفى عليكم نسبا وشرفا ودينا؟

ثم قال سبحانه:

وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ «٢»

«سبحانك» : كلمة تعجب من الأمر المستفظع «بهتان» : كذب فاحش وهذا تأديب اخر للمؤمنين أنه كان الأليق بهم أن يستعظموا هذه المقالة، ويطهروا ألسنتهم من النطق بها، ثم حذرهم سبحانه أن يعودوا لمثل هذه المقالة الفاحشة التي تجافي الإيمان فقال: يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ «٣» .

ثم قال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ «٤»

. هذا تأديب إلهي ثالث لمن سمع قالة السوء أو علم بفاحشة ألايذيعها ويشيعها، لما في إشاعة الفاحشة من إثارة بواعث الشر في النفوس، وإيقاظ الفتنة بين الناس، وفي ذلك ما فيه من الإضرار بالأسر والجماعات.

ومن أدب النبوة في هذا قول رسولنا صلى الله عليه وسلم: «من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والاخرة» رواه مسلم، وقال: «يا معشر من امن بلسانه ولم يدخل الإيمان


(١) سورة النور: الاية ١٥.
(٢) سورة النور: الاية ١٦.
(٣) سورة النور: الايتان ١٧، ١٨.
(٤) سورة النور: الاية ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>