للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلبه لا تتّبعوا عورات المسلمين، فإن من تتّبع عورات المسلمين فضحه الله تعالى في قعر بيته» رواه أبو داود.

ثم قال سبحانه: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ «١»

. جواب لولا محذوف أي لعاجلكم بالعقوبة، وفي هذا تكرير للمنّة بترك المعاجلة، وفي حذف الجواب إيجاز معجز لتذهب النفس فيه كل مذهب، فلله در التنزيل، ما أبلغه وما أكثر بركاته!!.

ومما يتصل بايات الإفك قوله سبحانه:

إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٢٣) «٢» .

«المحصنات» : العفائف، «الغافلات» : يعني عن الفاحشة، وهذا أسمى وصف يدل على العفة، فإن من العفائف من تخطر الفاحشة ببالها ثم لا تلبث أن تزول، ولكن أعف العفة أن تكون المرأة غافلة عن التفكير فيها والخطور بنفسها، ويدخل في هذه الأوصاف أمهات المؤمنين دخولا أوليا ولا سيما عائشة التي كانت سبب نزولها، فالذين يرمون بالزنا المحصنات الغافلات المؤمنات ملعونون في الدارين على ألسنة الخلق والملائكة، ومطرودون في الاخرة من رحمة الله، ولهم عذاب هائل لا يقادر قدره لعظم ما ارتكبوه.

يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ. يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ «٣» .

ومعنى شهادة الجوارح المذكورة أنه عز وجل ينطقها بقدرته، فتخبر كل جارحة منها بما صدر عنها من الذنوب والاثام. دِينَهُمُ الْحَقَّ: أي يعطيهم


(١) سورة النور: الاية ٢٠.
(٢) سورة النور: الاية ٢٣.
(٣) سورة النور: الايتان ٢٤، ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>