وبعيرًا، ثم قدمت بعد الإسلام فأسلمت هي وزوجها. فلما بلغ ست سنين خرجت به أمه آمنة إلى أخواله بني عدي بن النجار تزورهم ومعه أم أيمن، فأقامت عندهم شهرًا ثم رجعت، فلما كان بالأبواء توفيت أمنة فقبرت هناك، فرجعت به أم أيمن إلى مكة، وروى أنه لما فتح مكة أتى جم قبر وجلس إليه فجعل كهيئة المخاطب ثم قام وهو يبكي وقال: هذا قبر أمي! لم يؤذن لي في الاستغفار، فلم ير يومًا أكثر باكيًا؛ وجمع بأنه يجوز أنها توفيت بالأبواء وحملت إلى مكة في السنة السابعة. فلما توفيت أمه ضمه عبد المطلب وأحبه حبًا شديدًا ورق عليه رقة شديدة. وتتابعت على قريش سنون فهتفت امرأة بأن يستشفعوا بهذا النبي! فقام عبد المطلب فاعتضد به صلى الله عليه وسلم ورفعه على عاتقه وهو غلام قد أيفع أو كرب فاستسقى به حتى مطروا. ولما قرب وفاة عبد المطلب في السنة الثامنة وصى أبا طالب بكفالته لأنه خرج القرعة له، فمات وهو ابن ثنتين وثمانين سنة، فأحبه أبو طالب حبًا شديدًا؛ وفيها هلك حاتم بن عبد الله الجواد المشهور ومات كسرى نوشيروان وولى ابنه هرموز. وفي السنة التاسعة خرج به أبو طالب إلى بصرى. وفي العاشرة الفجار الأول وهو قتال بعكاظ ثلاثة أيام. وفي الثالثة عشرة تهيأ أبو طالب للخروج على الشام فأخذ صلى الله عليه وسلم بزمام ناقته وقال: يا عم! إلى من تكلني؟ لا أب لي ولا أم! فرق له فخرج به، فلقيه الراهب بحيرا صفي صومعته فتفرس فيه أعلام النبوة من إظلال الغمامة وإخضال أغصان الشجرة عليه، فأمر لهم طعامًا واحتضنه، ونظر إلى أشياء في جسده وسأله عن أحواله كله يوافق ما عنده من صفته، ورأى خاتم النبوة وقبله، فقال لأبي طالب: ارجع به إلى بلده واحذر عليه اليهود! فإنهم إن رأوه ليبغنه عنتًا، فإن له شأنًا نجده في كتبنا وما روينا عن آبائنا؛ فلما فرغوا من تجارتهم خرج به سريعًا، فرآه رجال من يهود وعرفوا صفته فأرادوا أن يغتالوه فذهبوا إلى بحيرا فذاكروه، فنهاهم وقال: أتجدون صفته! فما لكم إليه سبيلن فتركوه، فرجع به أبو طالب فما خرج به بعد. وفي الرابعة