ابن عوف في أهل قباء يوم الاثنين من ربيع الأول وأقام فيهم إلى الخميس، وأسس مسجدهم الذي أسس على التقوى، وقيل: مكث بضعة عشر يومًا. فركب يوم الجمعة يؤم المدينة فجمع في بني سالم بن عوف، وكان أول جمعة في الإسلام، وخطب ووعظ وذكر نعم الله، ثم قدموا إلى المدينة فتلقاه الناس وتنازعوا أيهم ينزل عليه! فقال: انزل الليلة على بني النجار أخوال عبد المطلب لأكرم به! فلما أصبح ركب ناقته وأرخى لها الزمام، فجعلت لا تمر بدار من دور الأنصار إلا قالوا هلم يا رسول الله إلى العدد والعدة! فيقول: خلوا زمامها فإنها مأمورة، حتى انتهى إلى موضع مسجد اليوم فبركت على بابه وهو يومئذ مريد لغلامين، فلم ينزل عنها النبي صلى الله عليه وسلم فوثبت فسارت غير بعيد، ثم التفتت خلفها ثم رجعت إلى مبركها الأول فبركت فيه ووضعت جرانها، فنزل صلى الله عليه وسلم، فاحتمل أبو أيوب رحله فوضعه في بيته، فأقام عند أبي أيوب حتى ابتاع المربد فبنى مسجدًا ومساكنه. فأقام في المدينة أحد عشر شهرًا متهيأ للحرب، ثم خرج غازيًا في ثاني عشر صفر غزوة الأبواء يريد قريشًا وكان قدم المدينة في ثاني عشر ربيع الأول، فلقي بودان فوادعته فيها بنو ضمرة فرجع إلى المدينة، فأقام بقية صفر وصدرا من ربيع الأول، ثم بعث عبيدة بن الحارث بن المطلب في ستين أو ثمانين من المهاجرين، فسار حتى بلغ ماء بالحجاز بأسفل ثنية المرة، فلقي جمعًا عظيمًا من قريش عيهم عكرمة بن أبي جهل فلم يكن قتال ثم انصرف القوم، ثم بعث في مقامه ذلك حمزة بن عبد المطلب إلى سيف البحر في ثلاثين راكبًا من المهاجرين، فلقي أبا جهل في ثلاثمائة راكب، فحجر بينهم محمد بن عمرو وكان موادعًا للفريقين، فانصرفوا من غير قتال. وفي هذه السنة تكلم الذئب خارج المدينة. وفيها بعث صلى الله عليه وسلم إلى بناته وزوجته سودة زيدًا وأبا رافع، فحملاهن إلى المدينة، وخرج عبد الله بن أبي بكر بعيال أبيه، وصحبهم طلحة بن عبد الله ومعهم أم رومان ام عائشة وعبد الرحمن حتى قدموا المدينة. وفيها بني بعائشة في شوال بعد الهجرة