للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا سبيل لهم إلى إرساء نهضتها إلا على أساس من التراث الإنساني الذي تمثلته الثقافة العربية، فتعلموا العربية، ثم اليونانية، ثم اللغات الشرقية للنفوذ منها إليه (١) دون ما استكبار إلا لدى بعض المتأخرين الذين برروا أخذ نصارى الغرب عن مسلمي الأندلس باستعادة ما أخذه المسلمون من الثقافة اليونانية والهليستينيه عن طريق نصاري الشرق (٢).

ولتخريج أهل جدل بقارعون فقهاء المسلمين واليهود ويردون عليهم ببراهين من كتبهم أنفسهم، في البلاد التي أجلاهم الإسلام عنها وبلغ أوروبا منها. فقصد الفرنسيسكانيون المغرب حيث قتل خمسة منهم (١٢٢٠) وانطلق الدومينيكيون (١٢٥٢) إلى بلغاريا ورومانيا والشرق.

ثم لتدريب أدلاء يتخاطبون بالعربية للقيام على خدمة الحجاج من أصقاع العالم إلى الأراضي المقدسة والعناية بعابري السبيل، وقد كلف الفرنسيسكانيون بمن يفدون على فلسطين، والدومينيكانيون بمن يقصدون سوريا ومصر. وأسس البابا جمعية الموالين (١٢٠٠) وقد انتشرت انتشاراً واسعاً (١٣١٨) واتخذ بعد سقوط القسطنطينية (١٤٥٣) لونا آخر فطبع الأب مارتن روث P.M.Roth الدومينيكي دليل الحج لبرنارد دي برايد نباخ. B.de Breydenbach اشتمل على أبجدية عربية كاملة مع طريقة النطق بها في حروف لاتينية، وخريطة لمدينة القدس، ورسم جماعة من اللبنانيين بازيانهم الوطنية، فكان أول ما عرفت أوربا من الطباعة العربية (ماينس ١٤٨٦ ثم تكررت طبعاته إحدى وأربعين طبعة ١٧٢٨) وتلاه دليل توريانتينوس بالشعر، وفيه المفردات العربية اللاتينية، ثلاثاً وعشرين طبعة (١٥٠٥ - ١٥٣٦، ثم تعددت طبعاته حتى عام ١٦٠٦).

ثم التحقيق الكتاب المقدس، ففي عام ١٥٠٦ صنف روكلن، وكان علامة باليونانية والعبرية، كتابا في قواعد اللغة العبرية، رفعها إلى مصاف اليونانية واللاتينية في معاهد إيطاليا وأسبانيا وفرنسا وإنجلترا والبلاد المنخفضة (بلاد القاع) وألمانيا.

وعلى أساس العبرية، نشرت التوراة في طبعات متعاقبة: كطبعة الكالا


(١) L. Halphen, L'Essor de l'Europe aux IXème - XIIIème Siecles.
(٢) Ch. Diehl et G. Marcais, Hist. du Moyen age, t III, p. ٣٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>