الأمريكية ومكنت لها بالمكتبات والمستشفيات والجمعيات والمجلات.
ولحقت البعثة العلمانية، التي فصلت الدين عن الدولة في بلادها، بالغربيين إلى الشرق العربي وزاحمت طوائفه بمدارسها.
ومما انجلى عنه نشاط الكاثوليك والأرثوذكس والبروتستانت والعلمانيين: تعريب مذاهب الغرب وفنونه وآدابه وعلومه بلسان عربي مبين، وقد استعانوا فيها بعلماء من العرب. والعناية بالعربية لغة وأدباً «ومن هنا وجدت اللغة العربية موئلاً لها في المدارس الأجنبية والمدارس المسيحية الطائفية، فانتشر تعليم الأدب العربي بين المسيحيين أكبر من انتشاره بين المسلمين (١)». وإصدار خليل الخوري أول صحيفة عربية باسم حديقة الأخبار، ونهوض بطرس البستاني بأول دائرة معارف عربية (١٨٧٦) وقيام نهضة عربية في الفن والأدب والعلم والسياسة يطالب أصحابها بإصلاح شامل في الإمبراطورية العثمانية أو الانفصال عنها بتكوين دولة عربية مستقلة.
(ب) وكانت حملة نابليون (١٧٩٨ - ١٨٠١) أولى الحملات الغربية على مصر في تاريخها الحديث، مجهزة ببعثة علمية قوامها علماء أعلام في كل ضرب من ضروب ثقافة ذلك العصر، منها: الأثريون والمهندسون والأطباء والمؤرخون والمستشرقون والمترجمون اللبنانيون والمصريون والسوريون من أمثال: ميخائيل صباغ (١٧٨٠ - ١٨١٦) الذي اتصل بالمستشرقين: دي ساسى، وكاترمير وعمل في المكتبة الوطنية بباريس، وصنف مسابقة البرق والغمام في سعاة الحمام، والرسالة التامة في كلام العامة (نشرها توربيكه، جوتنجن ١٨٦٦). وإلياس بقطر من مصر (١٧٤٨ - ١٨٢١) أستاذ العربية في مدرسة اللغات الشرقية بباريس ومصنف المعجم العربي الفرنسي (حققه وزاد عليه أرمان كوسن دي بر سفال، باريس ١٨٢٩) ونقولا الترك (١٧٦٣ - ١٨٢٨) صاحب: حرب بونابرت مع النمسا (باريس ١٨٠٧) وتملك جمهور الفرنساوية (نشر نصفه الأول - إيمي دي جرانج، متناً وترجمة، باريس ١٨٣٩) وتاريخ أحمد باشا الجزار (مخطوط) وديوان شعر، وحوادث الزمان في جبل لبنان (مخطوط). وروفائيل زخور
(١٧٥٧ - ١٨٣١) المولود في القاهرة من أصل حلبي وقد علم العربية في باريس ثم جعله محمد على مديراً لمطبعة بولاق، فترجماً في مدرسة الطب، وكان العضو الشرقي الوحيد في المجمع العلمي المصري، وترجم الكثير من الفرنسية والإيطالية بينها: قانون الصباغة في صناعة الحرير المالبرور، وقد أمر نابليون بتأليف المجمع العلمي المصري، وتأسيس مطبعة عربية - كان قد استصفاها من الفاتيكان - الطبع تصريحاته وبلاغاته ومنشوراته،
(١) ساطع الحصري، البلاد العربية والدولة العثمانية، ص ٨٣.