للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد روى الترمذي (١) عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله : "من قدم ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث (٢) كانوا له حصنًا حصينًا من النار، قال أبو ذر: قدمت اثنين، قال: واثنين، قال أبي بن كعب سيد القراء: قدمت واحدًا، قال: وواحدًا ولكن إنما ذلك عند الصدمة الأولى"، قال أبو عيسى: هذا حديث غريب، وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه، خرجه ابن ماجه (٣) أيضًا، وفي هذا كله "دليل على أن أطفال المسلمين في الجنة؛ لأن الرحمة إذا نزلت بآبائهم استحال أن يرحموا من أجل من ليس بمرحوم" (٤).

قال أبو عمر بن عبد البر (٥): وهذا إجماع من العلماء في أن أطفال المسلمين في الجنة، ولم يخالف في ذلك إلا فرقة شذت من المجبرة فجعلتهم في المشيئة، وهو قول مهجور مردود بإجماع الحجة الذين لا يجوز مخالفتهم، ولا يجوز على مثلهم الغلط، إلا ما روي عن النبي من أخبار الآحاد الثقات العدول، وأنه قوله : "الشقي من شقي في بطن أمه" (٦)، وأن الملك ينزل فيكتب أجله ورزقه الحدث، مخصوص، وأن من مات من أطفال المسلمين قبل الاكتساب فهو ممن سعد في بطن أمه ولم يشق، بدليل الأحاديث والإجماع، وكذلك قوله لعائشة: "إن الله خلق الجنة وخلق لها أهلًا وهم في أصلاب آبائهم، وخلق النار وخلق لها أهلًا وهم في أصلاب آبائهم" (٧)، ساقط ضعيف مردود بالإجماع والآثار (٨)، وطلحة بن يحيى الذي


(١) في جامعه ٣/ ٣٧٥، ح ١٠٦١، ضعفه الألباني، انظر: ضعيف سنن الترمذي ص (١١٩)، ح ١٧٩.
(٢) في (الترمذي): لم يبلغوا الحلم.
(٣) في سننه بمعناه ١/ ٥١٢، ح ١٦٠٣.
(٤) هذا نص كلام ابن عبد البر في التمهيد ٦/ ٣٤٨.
(٥) في التمهيد ٦/ ٣٤٨ - ٣٥١.
(٦) رواه البزار في مسنده ٤/ ٢٨٠، ح ١٤٤٧؛ والطبراني في الأوسط ٣/ ١٠٧، ح ٢٦٣١؛ قال الهيثمي: رواه البزار والطبراني في الصغير ورجال البزار رجال الصحيح، مجمع الزوائد ٧/ ١٩٣.
(٧) تقدم تخريجه ص (١٠٣٨).
(٨) في (ظ): بمجموع الآثار.

<<  <  ج: ص:  >  >>