للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: نعم، قال: قد عرفت، ولو كنت كوفيًا لم تسأل عن هذا، فدنوت منه فسمعت حذيفة يقول: كان الناس يسألون رسول الله عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، وعرفت أن الخير لن يسبقني، قال: فقلت: يا رسول الله بعد هذا الخير شر، قال: يا حذيفة تعلَّم كتاب الله ﷿ واتبع ما فيه، ثلاث مرات، قال: قلت يا رسول الله بعد هذا الخير شر؟ فقال: يا حذيفة تعلم كتاب الله واتبع ما فيه، قال: قلت: يا رسول الله بعد هذا الشر خير، قال: هدنة على دخن، وجماعة على أقذاء فيهم أو فيها، قلت: يا رسول الله الهدنة على الدخن ما هي؟ قال: لا ترجع قلوب أقوام على الذي كانت عليه، قال: قلت يا رسول الله بعد هذا الخير شر، قال: فتنة عمياء صماء عليها دعاة على أبواب النار، فإن مت يا حذيفة وأنت عاض على جِذْلٍ (١) خير لك من أن تتبع أحدًا منهم.

[وخرج أبو نعيم (٢) عن معاذ بن جبل قال: سمعت رسول الله يقول: خذوا العطاء ما دام عطاء، فإذا صار رشوة على الدين فلا تأخذوه، ولستم بتاركيه يمنعكم من ذلك الفقر والحاجة؛ ألا إن رحى الإسلام دائرة فدوروا مع الكتاب حيث دار، إلا إن الكتاب والسلطان سيفترقان فلا تفارقوا الكتاب، ألا أنه سيكون عليكم أمراء يقضون لأنفسهم ما لا يقضون لكم إن عصيتموهم قتلوكم، وإن أطعتموهم أضلوكم، قالوا: يا رسول الله كيف نصنع؟ قال: كما صنع أصحاب عيسى بن مريم ، نشروا بالمناشير، وحملوا على الخشب، موتٌ في طاعة الله خيرٌ من حياة في معصية الله".

خرّجه في باب يزيد بن مرثد عن معاذ، غريب من حديث معاذ لم يروه عنه إلا يزيد بن مرْثد وعنه الوضين بن عطاء] (٣).

وخرج أبو داود (٤) والبخاري (٥) ومسلم (٦) عن أبي إدريس الخولاني أنه سمع حذيفة يقول: "كان الناس يسألون رسول الله عن الخير وكنت أسأله


(١) الجذل بالكسر والفتح أصل الشجرة يقطع، انظر: النهاية في غريب الحديث ١/ ٢٥١.
(٢) في الحلية ٥/ ١٦٥ - ١٦٦.
(٣) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ).
(٤) في سننه ٤/ ٩٦، ح ٤٢٤٣.
(٥) في صحيحه ٣/ ١٣١٩، ح ٣٤١١.
(٦) في صحيحه ٣/ ١٤٧٥، ح ١٨٤٧، واللفظ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>