للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى بقتال الفئة الباغية ولو أمسك المسلمون عن قتال أهل البغي لتعطلت فريضة من فرائض الله، وهذا يدل على أن قوله: القاتل والمقتول في النار ليس في أصحاب محمد ؛ لأنهم إنما قاتلوا على التأويل.

قال الطبري (١): لو كان الواجب في كل اختلاف يكون بين الفريقين من المسلمين (٢) الهرب منه ولزوم المنازل وكسر السيوف لما أقيم حد ولا أبطل باطل، ولوجد أهل النفاق والفجور إلى استحلال كل ما حرم الله عليهم من أموال المسلمين وسبي نسائهم وسفك دمائهم بأن يتحزبوا عليهم ويكف المسلمون أيديهم عنهم بأن يقولوا هذه فتنة قد نهينا عن القتال (٣) فيها وأمرنا بكف الأيدي والهرب منها، وذلك مخالف (٤) لقوله : "خذوا على أيدي سفهائكم" (٥).

قلت: فحديث أبي بكرة محمول على ما إذا كان القتال على الدنيا، وقد جاء هكذا منصوصًا فيما سمعناه من بعض مشائخنا: "إذا اقتتلتم على الدنيا فالقاتل والمقتول في النار"، خرجه البزار (٦). ومما يدل على صحة هذا ما خرَّجه مسلم في صحيحه (٧) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس يوم لا يدري القاتل فيما قتل، ولا المقتول فيما قتل، فقيل: كيف يكون ذلك؟ قال: الهرج، القاتل والمقتول في النار"، فبيّن هذا الحديث أن القتال (٨) إذا كان على جهالة من


(١) لم أقف على موضع قوله من تفسيره وتاريخ.
(٢) من هذا الموضع بياض في الأصل في بعض الكلمات والأحرف، تم توضيحه من (ع، ظ).
(٣) نهاية البياض الذي في الأصل.
(٤) في (ظ): يخالف.
(٥) رواه ابن المبارك في الزهد ١/ ٤٧٥، ح ١٣٤٩؛ والبيهقي في شعب الإيمان ٦/ ٩٢، ح ٧٥٧٧.
(٦) لم أجده في مسند البزار المطبوع، وقد عزاه الحافظ ابن حجر في فتح الباري ١٣/ ٣٤ أيضًا للبزار.
(٧) ٤/ ٢٢٣١، ح ٢٩٠٨.
(٨) في (الأصل، ع): القاتل، وتصويبه من (ظ، م).

<<  <  ج: ص:  >  >>