للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طلب الدنيا أو اتباع هوى كان القاتل والمقتول في النار، فأما قتال يكون على تأويل ديني فلا، وأما أصحاب محمد ورضي عنهم فيجب على المسلمين توقيرهم والإمساك عن ذكر زللهم ونشر محاسنهم؛ [لثناء الله ﷿ عليهم في كتابه فقال وقوله الحق: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾ [الفتح: ١٨]، وقال: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ (١)[الفتح: ٢٩] إلى آخر السورة، وقال: ﴿لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً﴾ (٢) [الحديد: ١٠] إلى قوله: ﴿وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾] (٣).

وكل من ذهب منهم إلى تأويل فهو معذور، وإن كان بعضهم أفضل من بعض وأكثر سوابق.

وقد قيل: إن من توقف من الصحابة حملوا الأحاديث الواردة بالكف على عمومها، فاجتنبوا جميع ما وقع بين الصحابة من الخلاف والقتال، وربما ندم بعضهم على ترك ذلك، كعبد الله بن عمر فإنه ندم على تخلفه عن نصرة علي بن أبي طالب فقال عنده موته: "ما آسى على شيء ما آسى (٤) على تركي قتال الفئة الباغية، يعني فئة معاوية"، وهذا هو الصحيح. إن الفئة الباغية إذا علم منها البغي قوتلت.

قال عبد الرحمن بن أبزى (٥): شهدنا صفين مع علي في ثمان مائة ممن بايع بيعة الرضوان قتل منهم ثلاثة وستون منهم عمار بن ياسر.

وقال أبو عبد الرحمن السلمي: شهدنا مع علي صفين فرأيت عمار بن ياسر لا يأخذ في ناحية من أودية صفين إلا رأيت أصحاب محمد يتبعونه كأنه علم لهم، [قال] (٦): وسمعته يقول: يومئذ لهاشم بن عتبة يا هاشم


(١) في (ظ): زيادة في الآية: ﴿أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾.
(٢) في (ظ): أكمل الآية: ﴿أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾.
(٣) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ).
(٤) في (ع): ما أسفي على شيء ما أسفي.
(٥) عبد الرحمن بن أبزى الخزاعي، له صحبة ورواية، انظر: السير ٣/ ٢٠١.
(٦) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ).

<<  <  ج: ص:  >  >>