للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَما يوسُفُ فقال قتَادَةُ (١): لم يتمَنّ الموتَ أَحدٌ نَبِيٌّ ولا غيره إلا يوسف حين تكاملَتْ عليهِ النعَمُ، وَجُمِع له الشّمْلُ اشْتَاقَ إِلى لَقَاءِ ربه ﷿ (٢) فقال: ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي (٣)﴾ الآية [يوسف: ١٠١] فاشتاق إلى لقاء ربه ﷿.

وقيل: إنَّ يوسف لم يتَمَنّ الموتَ وإنما تمَنَّى الوفاةَ على الإسلام، أي إذا جاء أجلي توفَّنِي مُسْلِمًا (٤)، وهذا هو القول (٥) المختارُ في تأويل الآيةِ عند أهل التأويل (٦). (٧). وأما مريمُ فإنما (٨) تَمَنَّتِ الموت لوجهين:

أَحَدُهُما: أنها (٩) خافتْ أن يُظَنّ بها الشرُّ في دِينها وتُعَيَّر فيَفْتِنَها ذلك.

الثاني: لئلا يقَع قوم بسَبَبِها في البهتَان والزور (١٠) والنسبة إلى الزنا (١١)


(١) قتادة بن دِعَامة السدوسي، أبو الخطاب البصري، ثقة ثبت، مفسر، مات سنة ١١٨ هـ، انظر سير أعلام النبلاء ٥/ ٢٧٠.
(٢) ذكره ابن جرير في تفسيره ١٣/ ٧٣.
(٣) (وعلمتني): ليست في (ع، ظ).
(٤) قال ابن القيم في قوله تعالى عن يوسف : ﴿أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾: جمعت هذه الآية: الدعوة والإقرار بالتوحيد، والاستسلام للرب، وإظهار الافتقار إليه، والبراءة من موالاة غير سبحانه، وكون الوفاة على الإسلام أجلّ غايات العبد، وأن ذلك بيد الله لا بيد العبد، والاعتراف بالمعاد، وطلب مرافقة السعداء. الفوائد لابن القيم ص (٣٤٩).
(٥) في (ع، ظ): وهذا القول هو، والأصل يتوافق مع (م).
(٦) ذكر القرطبي في تفسيره إنه قول الجمهور. انظر: الجامع لأحكام القرآن ٩/ ١٧٦ فقرة ٢٦٩.
(٧) في (ع): زيادة والله أعلم، وفي (ظ): والله تعالى أعلم، والأصل يتوافق مع (م).
(٨) في (ع): فإنها.
(٩) (أنها): ليست في (ع).
(١٠) (والزور): ليست في (ع، ظ).
(١١) لقد سبق أبو الحسن الماوردي المتوفى سنة ٤٥٠ هـ، المصنف بذكر هذين الوجهين في تفسيره وزاد وجهًا ثالثًا وهو: لأنها لم ترَ في قومها رشيدًا ذا فراسة يُنزهها من السوء. انظر: النكت والعيون تفسير الماوردي ٣/ ٣٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>