للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي صحيح البخاري (١) في المناقب عن أنس بن مالك أتي عبيد الله بن زياد برأس الحسين، فجعل في طست، فجعل ينكت، وقال في حسنه شيئًا. فقال أنس: كان أشبههم برسول الله ، وكان مخضوبًا بالوسمة.

يقال: نكت في الأرض، إذا أثر فيها، ونكت بالحصباء (٢) إذا ضرب بها، وكان الفاسق يؤثر في رأسه المكرم بالقضيب.

وأمر عبيد الله بن زياد من قوَّر الرأس حتى ينصب في الرمح، فتحاماه أكثر الناس، فقام رجل يقال له طارق بن المبارك، بل هو ابن المشؤوم الملعون المذموم فقوره، ونصبه بباب دار (٣) عبيد الله (٤) ونادى في الناس وجمعهم في المسجد الجامع، وخطب خطبة لا يحل ذكرها، ثم دعا بزياد بن حر بن قيس الجعفي فسلم إليه رأس الحسين ورؤوس إخوته وبنيه وأهل بيته وأصحابه، ودعا بعلي بن الحسين فحمله وحمل عَمَّاته وأخواته (٥) إلى يزيد على محامل بغير وطاء، والناس يخرجون إلى لقائهم في كل بلدٍ ومنزل حتى قدموا دمشق، ودخلوا من باب توما، وأقيموا على درج باب المسجد الجامع حيث يقام السبي، ثم وضع الرأس المكرم بين يدي يزيد وأمر أن يجعل في طست من ذهب وجعل ينظر إليه ويقول:

صبرنا وكان الصبر منا عزيمة … وأسيافنا يقطعن كفًا ومعصما

نفلق هامًا من رجال أعزة علينا … وكانوا هم (٦) أعق وأظلما

ثم تكلم بكلام قبيح، وأمر بالرأس أن تصلب بالشام، ولما صلب (٧) أخفى خالد بن عفران شخصه من أصحابه، وهو من أفاضل (٨) التابعين، فطلبوه شهرًا حتى وجدوه، فسألوه عن عزلته، فقال: أما ترون ما نزل بنا، ثم أنشأ يقول:


(١) ٣/ ١٣٧٠، ح ٣٥٣٨.
(٢) في (ظ): في الحصباء.
(٣) (دار): ليست في (ظ).
(٤) في (ظ): عبيد الله بن زياد.
(٥) في (ظ): وإخوته.
(٦) في (ظ): وهم كانوا.
(٧) في (ظ): صلبت.
(٨) في (ظ): أفضل.

<<  <  ج: ص:  >  >>