للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني وأعظم مدنه مدينة أصْبَهان (١) ودور سورها أربعون ألف ذراع في غاية الارتفاع والإتقان، وأهلها مشغلون بعلم الحديث، فحفظهم الله بهذا الشأن وكف كف الكفر عنهم بأيمان الإيمان وأنزل عليهم موائد التأييد والإحسان فتلقوهم بصدور هي في الحقيقة (٢) صدور الشجعان، وحققوا الخبر بأنها بلد الفرسان واجتمع فيها مائة ألف ألف إنسان، وخرجوا إليهم كأُسْدٍ، ولكن غاباتها عوامل الخرصان (٣)، وقد لبسوا البياض كثغور الأقحوان وعليهم دروع فضفاضة في صفاء الغدران، وهيئت للمجاهدين درجات الجنان وأعدت للكافرين دركات النيران (٤)، وبرز إلى الططر القتل في مضاجعهم وساقهم القدر (٥) المحتوم إلى مصارعهم فمرقوا عن أصبهان مروق السهم من الرمي، واشتدوا إلى الوادي فطم على القرى (٦)، ففروا منه فرار الشيطان يوم بدر وله حُصاص (٧)، ورأوا أنهم إن وقفوا لم يكن لهم من الهلك مخلص ووصلوا السير بالسرى وهدوا من همدان الوهاد والذُّرَى بعد أن قامت الحرب على ساق، والأرواح في مساق من ذبح ومثلى (٨) وضرب الأعناق (٩) (١٠)، وصعدوا جبل أزند فقتلوا من فيه من جموع صلحاء المسلمين، وخربوا ما فيه من الجنات والبسايتن، وانتهكوا منهم ومن نسوانهم حرمات الدين، وكانت (١١) استطالتهم على ثلثي بلاد المشرق الأعلى، وقتلوا فيهما من الخلائق ما لا يحصى، وقتلوا العراق الثاني عدة تعزب أن تستقصى، وربطوا خيولهم إلى سواري المساجد


(١) وبعضهم يكسر همزة أصبهان، انظر: معجم البلدان ١/ ٢٠٦.
(٢) في (ظ): بالحقيقة.
(٣) هكذا وردت العبارة في كل من (ع، ظ) وليست في الأصل، والخِراصُ والخَرصُ والخِرْصُ والخُرْصُ: سَنانُ الرُّمْحُ، وقيل: هو ما على الجُبَّة من السِّنان، وقيل: هو الرُّمح نفسه، لسان العرب ٧/ ٢١.
(٤) (وأعدت للكافرين دركات النيران): ليست في (ظ).
(٥) في (ظ): المقدور.
(٦) في (ظ): الثرى.
(٧) أي ضُراط، النهاية في غريب الحديث ١/ ٣٩٦.
(٨) في (ظ): وأمثلة.
(٩) في (ظ): للأعناق.
(١٠) من هذا الموضع قطع في (ع).
(١١) في (ع): وكانوا، وما أثبته من (ظ).

<<  <  ج: ص:  >  >>