للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجامع، وأوغلوا في بلاد المشرق أيَّ إيغال قادوا الجيوش مقادة أبي رغال، في كلام له إلى أن قال: وقطعوا السبل وأخافوها وجاسوا خلال الديار وطافوها وملأوا قلوب المؤمنين رعبًا، وسحبوا ذيل الغلبة على تلك البلاد سحبًا، حكَّموا سيوفهم في رقاب أهلها، وأطلقوا يد التخريب في وعرها وسهلها، ولا شك أنهم هم المنذر بهم في الحديث، وأن لهم (١) ثلاثة خرجات يصطلمون في الآخرة منها.

قال المؤلف : فقد كملت والحمد لله خرجاتهم ولم يبق إلا قتلهم وقتالهم، فخرجوا على العراق الثالث بغداد وما اتصل إليها من البلاد، وقتلوا جميع من فيها من الملوك والعلماء والفضلاء والعباد، وحصروا ميافارقين واستباحوا جميع من فيها من المسلمين وعبروا الفرات إلى حلب، وخربوها وقتلوا من فيها إلى أن تركوها خالية يبب (٢)، ثم أوغلوا إلى أن ملكوا جميع الشام في مدة يسيرة من الأيام، وفلقوا بسيوفهم الرؤوس والهام، ودخل رعبهم الديار المصرية، ولم يبق إلا اللحوق بالدار الأخروية، فخرج إليه من مصر الملك (٣) المظفر الملقب بقطز، بجميع من معه من العساكر، وقد بلغت الحناجرَ القلوبُ (٤)، والأنفس بعزيمة صادقة ونية خالصة، إلى أن التقى بهم بعين جالوت، وكان له عليهم من النصر والظفر كما كان لطالوت، فقُتل منهم جمع كثير وعدد غزير، وارتحلوا عن الشام من ساعتهم، ورجع جمعهم كما كان إلى الإسلام وعبروا الفرات منهزمين، ورأوا ما لم يشاهدوه منذ زمان، ولا حين، وراحوا خائبين خاسرين مدحورين أذلاء صاغرين]] (٥) (٦).


(١) في (ع): وأنهم، وما أثبته من (ظ).
(٢) أرض يبب أي يباب، أي خراب، انظر: لسان العرب ١/ ٨٠٦.
(٣) نهاية القطع في (ع).
(٤) في (ظ): القلوب الحناجر.
(٥) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ).
(٦) جاء في هذا الموضع من (ع، ظ) باب منه وما جاء في ذكر البصرة والأيلة وبغداد والإسكندرية، وقد تقدم هذا الباب في الأصل، انظر: ص (١١٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>