للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قوله في الراعيين: "حتى إذا بلغا ثنية الوداع خرَّا على وجوههما، فقيل: سقطا ميتين.

قال علماؤنا: وهذا إنما يكون في آخر الزمان و (١) عند انقراض الدنيا، بدليل ما قال البخاري في هذا الحديث: "آخر من يحشر راعيان من مزينة"، قيل معناه آخر من يموت فيحشر؛ لأن الحشر بعد الموت، ويحتمل أن يتأخر حشرهما لتأخر موتهما.

قال الداودي أبو جعفر أحمد بن نصر في شرح البخاري له (٢): وقوله في الراعيين ينعقان بغنمهما (٣)، يعني [في سرح المدينة] (٤) يطلبان الكلأ، وقوله: "وحشًا" يعني خالية، وقوله: "ثنية الوداع" موضع قريب من المدينة مما يلي مكة، وقوله: "خَرَّا على وجوههما" يعني أخذتهما الصعقة حين النفخة الأولى وهو الموت، وقوله: "آخر من يحشر" يعني أنهما بأقصى المدينة فيكونان في أثر من يبعث منهما، ليس أن بعض الناس يخرج بعد بعض من الأجداث إلا بالشيء المتقارب يقول الله تعالى: ﴿إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً﴾ [يس: ٢٩] ﴿فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ﴾ [الزمر: ٦٨]، وقول النبي : "يصعق الناس فأكون أول من تنشق عنه الأرض فإذا موسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أو كان من الذين استثنى الله" (٥).

وقال شيخنا أبو العباس (٦): ويحتمل أن يكون معناه: آخر من يحشر إلى المدينة أي يساق إليها كما في كتاب مسلم.

قال الشيخ : و (٧) قد ذكر ابن شبة (٨) خلاف هذا كله، فذكر عن حذيفة بن أسيد قال: "آخر الناس محشرًا رجلان من مزينة يفقدان الناس فيقول أحدهما لصاحبه قد فقدنا الناس منذ حين، انطلق بنا إلى شخص بني فلان


(١) (الواو): ليست في (ظ).
(٢) انظر: ص (٦٥).
(٣) في (ظ): أي بغنمهما.
(٤) ما بين المعقوفتين من (ظ).
(٥) هذا الحديث أصله في البخاري ٣/ ١٢٤٥، ح ٣٢١٧.
(٦) في (ظ): شيخنا أبو العباس القرطبي.
(٧) (الواو): ليست في (ظ).
(٨) في تاريخ المدينة ١/ ٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>