للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن أسباط (١): ذُكِرَ عند النبي رجلٌ فأُثْنِيَ عليه، فقال رسولُ اللهِ : "كيفَ ذِكْرُهُ للمؤتِ؟ فلم يُذكرُ (٢) ذلك منه، فقال: ما هو كما تقولون" (٣).

وقال اللفاف (٤): من أكثرَ ذكر الموتِ أُكرمِ بثلاثة أشياءٍ: تعجيلُ التوبةِ، وقناعةُ القلبِ، ونشاطُ العبادة، ومَن نسي الموتَ عُوقب بثلاثةِ أشياءٍ: تسويفُ التوبةِ، وتركُ الرضى (٥) بالكفافِ، والتكاسلُ في العبادة.

فتفكَّرْ يا مغرورُ في الموتِ وسكرتهِ، وصعوبةِ كأسِهِ، ومَرَارَتِهِ (٦)، فيا للموتِ مِن وعدٍ ما أصدقَه ومِن حاكم ما أعدلَه، وكفى (٧) بالموتِ مُقرِحًا للقلوب، ومُبكِيًا للعيون، ومُفرِّقًا للجماعاتِ، وهادمًا للذات، وقاطعًا للأمنيات، فهلَّا تفكرتَ يا ابن آدم [في] (٨) يوم مصرعِكَ، وانتقالِكَ مِن موضعِكَ، وإذا (٩) نُقلتَ مِن سعةٍ إلى ضيقٍ، وخانَكَ الصاحبُ والرفيقُ، وهجرَكَ الأخُ والصديقُ، وأخذتَ مِن فُرُشِكَ وغطائِكَ إلى عررٍ (١٠)، وغطوك من بعدِ لين لحافِكَ بترابٍ ومدرٍ، فيا جامعَ المالِ، والمجتهدُ في البنيانِ ليس لك والله


(١) يوسف بن أسباط، أبو يعقوب الزاهد له مواعظ وحكم، روى عن الثوري وغيره، توفي سنة ١٩٥ هـ انظر: سير أعلام النبلاء ٩/ ١٦٩؛ ومشاهير علماء الأمصار لابن حبان البستي ص (١٨٦) رقم الترجمة ١٤٩٠.
(٢) في (ع): تذكر.
(٣) قال العراقي: رواه ابن أبي الدنيا في الموت من حديث أنس بإسنادٍ ضعيف، المغني ٢/ ١٢٠٢، رقم ٤٣٤٨.
(٤) هكذا ورد اسمه في جميع النسخ، وفي المطبوعة الدقاق، ويبدو أنه تصحيف؛ فقد أورد المناوي الأثر في فيض القدر ٢/ ٨٥، ونسبه إلى اللفاف، وبالرجوع إلى كتب التراجم العامة لم أقف على علم بهذا الاسم إلا ما جاء في ترجمة حاتم الأصم الواعظ أن راوي آثاره يسمى حامدًا اللفاف، انظر حلية الأولياء ٨/ ٦٠، ٦٤، ٦٦، ٧٥؛ والبيهقي في الزهد الكبير ٢/ ١٥٨، ٢١١.
(٥) في (ع): الترضي.
(٦) (ومرارته): ليست في (ع).
(٧) في (ع، ظ): فكفى.
(٨) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ).
(٩) في (ع): إذ.
(١٠) العرر: الأرض المُسمّدة، انظر: الصحاح ٢/ ٧٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>