للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي المشرق لم تكن الأوضاع الأمنية وحال الخلافة بأحسن من بلاد الأندلس، ففي سنة ست وخمسين وستمائة (٦٥٦ هـ) - وهو الوقت الذي كان فيه القرطبي في مصر كما سيأتي (١) - كانت الخلافة الإسلامية مهددة بخطر التتار، حيث وصل منهم في هذه السنة مائتا ألف جندي يتقدمهم هولاكو، فهزموا جيش الخليفة، ودخلوا بغداد فقتلوا أكثر من ألف ألف نسمة، وجمًّا غفيرًا من العلماء والفقهاء والأمراء، ولم يسلم إلا من اختفى في بئر أو قناة، وقتلوا الخليفة رَفْسًا بالأَرْجُلِ.

ثم دخلت سنة سبع وخمسين وستمائة (٦٥٧ هـ) والأمة الإسلامية بلا خليفة، وكان صاحب مصر إذ ذاك: المنصور علي بن المعز، وأتابكه (٢) الأمير: سيف الدين قُطز المعزي مملوكًا لأبيه، فجمع الأمير قطز الأمراء والأعيان فكان ممن حضر الشيخ عز الدين بن عبد السلام (٣) الذي أوجب على المسلمين مقاتلة العدو والنفرة لتجهيز الجيش.

وفي شعبان من سنة ثمانٍ وخمسين وستمائة (٦٥٨ هـ) خرج المسلمون متوجهين إلى الشام لقتال التتار، فالتقوهم في موقعة عين جالوت الشهيرة التي انتصر فيها المسلمون، وانهزم فيها التتار شر هزيمة، وأقيمت الخلافة في مصر سنة (٦٥٩ هـ) للمستنصر بالله أحمد بن الظاهر بأمر الله، الذي قُتِلَ بعد ذلك بقليل، فبويع بعده في سنة ستين وستمائة (٦٦٠ هـ) للحاكم بأمر الله أحمد بن الأمير علي القُبي الذي في عهده توفي القرطبي المؤلف سنة إحدى وسبعين وستمائة (٦٧١ هـ) (٤).


(١) انظر: ص (٣١).
(٢) لعل المراد بهذا اللقب: أمير الجيوش، كما جاء لقبه بذلك في البداية والنهاية لابن كثير ١٢/ ١٧٣.
(٣) عز الدين بن عبد السلام بن القاسم، أبو محمد الدمشقي الشافعي، صاحب التصانيف منها: القواعد الكبرى والصغرى، وكتاب الصلاة والفتاوى الموصلية، توفي سنة ٦٦٠ هـ، انظر: البداية والنهاية ١٣/ ٢٣٥.
(٤) انظر: تاريخ الخلفاء للسيوطي ص (٤٧١ - ٤٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>