للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وقد مضت البطشة والدخان واللزام، [و] (١) الحديث عنه بهذا في كتاب مسلم (٢)، وقد فسر البطشة: بأنها وقعة بدر (٣).

[قال أبو الخطاب بن دحية: والذي يقضيه النظر الصحيح حمل ذلك على قضيتين إحداهما وقعت وكانت، والأخرى ستقع وتكون، فأما التي (٤) كانت فهي التي كانوا يرون فيها كهيئة الدخان وغشية الدخان غير الدخان الحقيقي الذي يكون عند ظهور الآيات التي هي من الأشراط والعلامات (٥)، ولا يمتنع إذا ظهرت هذه العلامات (٦) أن يقولوا: ﴿رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (١٢)[الدخان: ١٢] فيكشف عنهم، ثم يعودون لقرب الساعة، وقول ابن مسعود لم يسنده إلى النبي إنما هو من تعبيره، وقد جاء النص عن رسول الله بخلافه.

قال الشيخ : قد روي عن ابن مسعود أنهما دخانان، قال مجاهد:


= عبد الله بن مسعود هو أولى بتأويل الآية؛ لأن الله جل ثناؤه توعد بالدخان مشركي قريش، وأن قوله لنبيه فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين في سياق خطاب الله كفار قريش وتقريعه إياهم بشركهم بقوله: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (٨) بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ (٩)﴾، ثم أتبع ذلك قوله لنبيه : ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠)﴾ أمرًا منه له بالصبر إلى أن يأتيهم بأسه وتهديدًا للمشركين فهو بأن يكون إذ كان وعيدًا لهم قد أحله بهم أشبه من أن يكون أخره عنهم لغيرهم، وبعد فإنه غير منكر أن يكون أحل بالكفار الذين توعدهم بهذا الوعيد ما توعدهم ويكون محلًا فيما يستأنف بعد بآخرين دخانًا على ما جاءت به الأخبار عن رسول الله عندنا كذلك، لأن الأخبار عن رسول الله قد تظاهرت بأن ذلك كائن فإنه قد كان ما روي عنه عبد الله بن مسعود، فكلا الخبرين اللذين رويا عن رسول الله صحيح وإن كان تأويل الآية في هذا الموضع ما قلنا".
(١) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ).
(٢) في (ع، ظ): والحديث عنه في كتابي مسلم والبخاري وغيرهما.
(٣) (وقد فسر البطشة: بأنها وقعة بدر): ليست في (ع، ظ)، وقول ابن مسعود في تفسير الطبري ٢٥/ ١١٢.
(٤) في (ع): الذي، وما أثبته من (ظ)؛ لأن الحديث عن مؤنث.
(٥) في (ظ): من أشراط الساعة والعلامات.
(٦) في (ظ): العلامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>