للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أثر ذلك قريبًا؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)[الذاريات: ٥٦] فإذا قطع عنهم التعبد لم يقرهم بعد ذلك في الأرض زمانًا (١) طويلًا، هكذا ذكره بعض العلماء، والله أعلم] (٢).

وأما الدخان فروي من حديث حذيفة عن النبي : "إن من أشراط الساعة دخانًا يملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث في الأرض أربعين يومًا. فأما المؤمن فيصيبه منه شبه الزكام (٣)، وأما الكافر فيكون بمنزلة السكران يخرج الدخان من أنفه ومنخره وعينيه وأذنيه ودبره" (٤)، وقيل: هذا الدخان (٥) من آثار جهنم يوم القيامة. وروي هذا عن علي وابن عمر وأبي هريرة وابن عباس والحسن (٦) وابن أبي مليكة، وهو معنى قوله تعالى: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠)[الدخان: ١٠].

وقال ابن مسعود في هذه الآية: "إنه ما أصاب قريشًا من القحط والجهد حتى جعل الرجل يرى بينه وبين السماء دخانًا من الجهد (٧) حتى أكلوا العظام" (٨).


(١) في (ظ): قرارًا زمانًا.
(٢) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ).
(٣) في (ع): فيصيبه مثل شبه الزكام، وفي (ظ): فيصيبه شبه الزكام.
(٤) رواها الطبري في تفسيره ٢٥/ ١١٤.
(٥) في (ع): وقيل هو الدخان.
(٦) ذكر الماوردي قول ابن عباس والحسن في تفسيره ٥/ ٢٤٨.
(٧) في (ع): يرى بينه وبين السماء كهيئة الدخان من الجهد.
(٨) ذكره ابن جرير في تفسيره ٢٥/ ١١١، وقال ابن جرير في تفسيره ٢٥/ ١١٤ - ١١٥:
"وأولى القولين بالصواب في ذلك ما روي عن ابن مسعود أن الدخان الذي أمر الله نبيه أن يرتقبه هو ما أصاب قومه من الجهد بدعائه عليهم على ما وصفه ابن مسعود من ذلك إن لم يكن خبر حذيفة الذي ذكرناه عنه عن رسول الله صحيحًا، وإن كان صحيحًا فرسول الله أعلم بما أنزل الله عليه وليس لأحد مع قوله الذي يصح عنه قول، وإنما لم أشهد له بالصحة لأن محمد بن خلف العسقلاني حدثني أنه سأل روادًا عن هذا الحديث هل سمعه من سفيان؟ فقال له: لا، فقلت له: فقرأته عليه؟ فقال: لا، فقلت له: فقرئ عليه وأنت حاضر فأقر به؟ فقال: لا، فقلت: فمن أين جئت به؟ قال: جائني به قوم فعرضوه عليّ وقالوا لي: اسمعه منا فقرأوه علي ثم ذهبوا فحدثوا به عني أو كما قال، فلما ذكرت من ذلك لم أشهد له بالصحة، وإنما قلت القول الذي قاله =

<<  <  ج: ص:  >  >>