للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال أهل تلك الأرض لذي القرنين هل لك أن نجعل لك خرجًا، يعنون جعلًا ﴿عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ﴾ من جُعلكم ولكن ﴿فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا﴾، قالوا له وما تريد؟ قال: ﴿آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ﴾ يعني قطع الحديد، فوضع بعضها على بعض كهيئة البناء فيما بين السدين: وهما جبلان ﴿حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ﴾ يعني جانب (١) الجبلين قال: انفخوا أي أوقدوا ﴿حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (٩٦) فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا﴾ من تحته، وقال عبد الملك في قول: ﴿أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا﴾ يعني نحاسًا ليلتصق، فأفرغه (٢) عليه فيدخل بعضه في بعض قال: ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ﴾.

وفي تفسير الجوني أبي الحسن: أن ذا القرنين لما عاين ذلك منهم انصرف إلى ما بين الصدفين فقاس ما بينهما وهو في منقطع أرض الترك مما يلي مشرق الشمس فوجد بعد ما بينهما مائة فرسخ فلما أنشأ في عمله حفر له أُسًا حتى بلغ الماء، ثم جعل عرضه خمسين فرسخًا، وجعل حشوه الصخور وطينة النحاس: يذاب ثم يصب عليه، فصار كأنه عرق من جبل تحت الأرض، ثم علّاه وصرّفه بزبر الحديد (٣) والنحاس المذاب، وجعل خلاله عرقًا من نحاس فصار كأنه بُردٌ محبّرٌ (٤) من صفر النحاس وحمرته وسواد الحديد، فلما فرغ منه وأحكمه انطلق عامدًا إلى جماعة الإنس والجن، انتهى كلام الجوني] (٥).

وعن علي (٦) وصنف منهم في طول شبر لهم مخاليب (٧) وأنياب


(١) في (ظ): جانبي.
(٢) في (ظ): فأفرغ.
(٣) أي قطع الحديد، انظر: الصحاح ٢/ ٦٦٦.
(٤) في (ع): برد مخبر: وما أثبته من (ظ)، وفي تفسير القرطبي ١١، فقرة ٦٢ عن قتادة في وصف السد: هو البُرد المحبر، طريقة سوداء، وطريقة حمراء.
(٥) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ).
(٦) في (ع): وعن عثمان.
(٧) في (ع): مخالب.

<<  <  ج: ص:  >  >>