للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو جعفر الطحاوي (١) وقال: إنَّه حديثٌ ثابتٌ (٢)، فلو لم يكن رجوع الشمس نافعًا، وأنه لا يتجدَّد الوقتُ لما ردّها عليه، وكذلك (٣) يكون إحياءُ أبوي النبيِّ نافعًا لإيمانهما وتصديقِهِما بالنبي ، وقد قبل الله إيمان قومِ يونس، وتوبتِهِم بعد (٤) تلبُّسِهِم بالعذابِ (٥) فيما ذُكِرَ في بعض الأقوالِ، وهو ظاهر القرآن.

وأما الجوابُ عن الآيةِ: فيكونُ ذلك قبلَ إيمانِهِما، وكونهما في العذاب (٦)، والله بغيبِهِ أعلمُ وأحكمُ.


(١) الإمام العلامة الحافظ الكبير أبو جعفر أحمد محمد بن بن سلامة المصري الطحاوي الحنفي، صاحب التصانيف منها: أحكام القرآن، ومعاني الآثار، واختلاف العلماء - وله مصنف في عقيدة السلف الصالح شرحه ابن أبي العز الحنفي - مات سنة ٣٢١ هـ، سير أعلام النبلاء ١٥/ ٢٧ - ٢٩.
(٢) ذكر في شرح مشكل الآثار له حديثين ٣/ ٩٢، ح ١٠٦٧، ١٠٦٨، وضعفهما شعيب الأرنؤوط في تعليقه على الكتاب.
(٣) في (ع): فكذلك.
(٤) في (ع، ظ): مع تلبسهم.
(٥) قياس والدي النبي على قوم يونس قياس مع الفارق لأمرين:
الأول: أن قوم يونس كانوا أحياءً لما تلبسهم العذاب بخلاف والدي النبي فقد كانا ميتين.
الثاني: أنه جاء نص الكتاب في استثناء قوم يونس من بين أهل القرى الذين لم ينفعهم إيمانهم بعد تلبيسهم بالعذاب، قال ابن جرير في تفسير قوله تعالى: ﴿فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (٩٨)﴾ [يونس: ٩٨]، فاستثنى الله قوم يونس من أهل القرى الذين لم ينفعهم إيمانهم بعد نزول العذاب بساحتهم وأخرجهم منهم، وأخبر خلقه أنه نفعهم إيمانهم خاصة من بين سائر الأمم غيرهم. . ا. هـ. ١١/ ١٧٠.
ولم يأت نص من الكتاب ولا صحيح السنة في استثناء والدي النبي بعد استحقاقهما للعذاب. ولا يجوز للمسلم أن يعترض على الله جل وعلا في عدم إيمان والدي النبي ، فالله تعالى بغيبه أعلم وأحكم، يهدي من يشاء، ويضل من يشاء، فقد أضل من قبل والد إبراهيم ، وابن نوح ، وهدى امرأة فرعون، قال تعالى: ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (٢٣)﴾ [الأنبياء: ٢٣].
(٦) هذا الجواب عن الآية لا يستقيم؛؛ لأنه مبني على إيمانهما، وإيمانهما مبني على إحيائهما، وكلاهما لم يثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>