للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأم، والأخ، والأخت، والصديق والحميم (١) فيقولون له: أنت تموت يا فلان ونحن قد سبقناك في هذا الشأن فمت يهوديًا فهو الدين المقبول عند الله تعالى، فإن انصرم عنهم وأبي جاءه آخرون وقالوا له: مت نصرانيًا فإنه دين المسيح ونسخ به دين موسى، ويذكرون له عقائد كل ملة، فعند ذلك يزيغ الله من يريد زيغه، وهو معنى (٢) قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً﴾ [آل عمران: ٨]، أي لا تزغ قلوبنا عند الموت وقد هديتنا من قبل هذا زمانًا، فإذا أراد الله بعبده هداية وتثبيتًا جاءته الرحمة، وقيل هو جبريل فيطرد عنه الشياطين ويمسح الشحوب عن وجهه فيتبسم الميت لا محالة، وكثيرًا مَن يرى متبسمًا في هذا المقام فرحًا (٣) بالبشير الذي جاءه (٤) من الله، فيقول: يا فلان أما تعرفني؟ أنا جبريل وهؤلاء أعداؤك من الشياطين مت على الملة الحنيفية والشريعة الجليلة، فما شيء أحب إلى الإنسان وأفرح منه بذلك الملك، وهو قوله تعالى: ﴿وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ [آل عمران: ٨]، ثم يقبض عند الطعنة (٥) على ما يأتي (٦).

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: حضرت وفاة أبي أحمد وبيدي الخرقة لأشد لحييه فكان يغرق ثم يفيق ويقول بيده، لا بعد، لا بعد فعل ذلك (٧) مرارًا فقلت له: يا أبه أي شيء ما يبدو منك؟ فقال: الشيطان قائم بحذائي عاض على أنامله يقول: يا أحمد فتني، وأنا أقول لا بعد، لا بعد حتى أموت (٨)


(١) في (ظ): والصديق الحميم.
(٢) (معنى) ليست في (ع).
(٣) في (الأصل): فرحانًا، وما أثبته من (ع، ظ، كشف علوم الآخرة).
(٤) في (ظ): جاءه رحمة، وفي كشف علوم الآخرة: جاءه ملك الرحمة.
(٥) إلى هنا ينتهي النقل من كشف علوم الآخرة ص (٢٠)، والمراد بالطعنة هنا ما ذكره الغزالي: من أن ملك الموت يقبض الميت بعد طعنه بحربة مسمومة سُقيت سمًّا من نار، وقال مرة: إنها تغمس في بحر الموت، كما في ص (١٩، ٢٠) من كشف علوم الآخرة.
(٦) ص (٢٥٣ - ٢٥٤).
(٧) في (ظ): هذا.
(٨) ذكره ابن الجوزي في الثبات عند الممات له ص (١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>