للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكون لمن استقام ظاهره وصلح (١) باطنه، ما سمع بهذا، ولا علم به والحمد لله، وإنما تكون لمن كان له فساد في العقل وإصرار على الكبائر وإقدام على العظائم، فربما غلب ذلك عليه حتى (٢) ينزل به الموت قبل التوبة فيصطلمه (٣) الشيطان عند تلك الصدمة ويختطفه عند تلك الدهشة والعياذ بالله ثم العياذ بالله، أو يكون (٤) ممن كان مستقيمًا ثم يتغير عن حاله ويخرج عن سنته ويأخذ في غير طريقه؛ فيكون ذلك سببًا لسوء خاتمته، وشؤم عاقبته (٥)، كإبليس الذي عبد الله فيما يروى ثمانين ألف سنة (٦)، وبلعام بن باعوراء الذي آتاه الله آياته فانسلخ منها بخلوده إلى الأرض واتباع (٧) هواه (٨)، وبرصيصًا العابد الذي قال الله في حقه: ﴿كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ﴾ [الحشر: ١٦] (٩).

ويروى: أنه كان بمصر رجل ملتزم مسجدًا (١٠) للأذان والصلاة، وعليه بهاء الطاعة وأنوار العبادة، فرقي يومًا المنارة على عادته للأذان، وكان تحت المنارة دار النصراني ذمي، فاطلع فيها فرأى ابنة صاحب (١١) الدار فافتتن بها، وترك الأذان ونزل إليها ودخل الدار، فقالت له: ما شأنك؟! ما تريد؟! فقال: أنت أريد (١٢)، [قالت: لماذا؟ قال]: (١٣) قد سبيتِ (١٤) لبي، وأخذت بمجامع قلبي، قالت: لا أجيبك إلى ريبة، قال لها: أتزوجك، قالت (١٥): أنت مسلم وأنا نصرانية وأبي لا يزوجني منك، قال لها: أتنصر، قالت: إن فعلت أفعل،


(١) في (ظ): يصلح.
(٢) في (ع): حين.
(٣) الاصطلام: الاستئصال، الصحيح ٥/ ١٩٦٧.
(٤) في (ع): كان.
(٥) نهاية كلام أبي محمد عبد الحق، انظر: العاقبة ص (١٨٠ - ١٨١).
(٦) لم أقف على هذه الرواية.
(٧) في (ظ) واتبع.
(٨) انظر تفسير الطبري ٩/ ١٢٠.
(٩) انظر تفسير الطبري ٢٨/ ٤٩.
(١٠) في (ظ) لمسجد، وفي (العاقبة): يلزم مسجدًا.
(١١) في (ظ) لصاحب.
(١٢) في (ظ): إنني أريدك.
(١٣) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ، العاقبة)، وفي (العاقبة): فقال لها.
(١٤) في (ع): قد سبيتيني، وفي (ظ): قد سبيت وفي (العاقبة): سلبت.
(١٥) في (ع): قالت له، وفي (ظ): فقالت.

<<  <  ج: ص:  >  >>