للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال العلماء (١): وإذا كانت الهداية إلى الله مصروفة، والاستقامة على مشيئته موقوفة، والعاقبة مغيّبة، والإرادة غير مغالبة، فلا تعجب بإيمانك وعملك وصلاتك وصومك وجميع قُرَبِك؛ فإن ذلك وإن كان من كسبك فإنه (٢) خلق ربك وفضله الدارّ عليك وخيره، فمهما افتخرت بذلك كنت كالمفتخر بمتاع غيره (٣)، وربما سلبه عنك فعاد (٤) قلبك من الخير أخلا من جوف البعير (٥)، فكم من روضة أمست وزهرها يانع عميم (٦)، فأصبحت وزهرها يابس هشيم، أو هبت (٧) عليها الريح العقيم، كذلك العبد يمسي (٨) وقلبه بطاعة الله مشترق (٩) سليم، فيصبح وهو بمعصيته (١٠) مظلم سقيم، ذلك فعل العزيز الحكيم الخلاق العليم (١١).

وروى النسائي (١٢) عن عثمان قال: "اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث إنه كان رجل ممن كان قبلكم تعبّد، فَعَلَقَتْه (١٣) امرأة غوية فأرسلت إليه جاريتها فقالت له (١٤): إنا ندعوك للشهادة، فانطلق مع جاريتها فطفقت (١٥) كلما دخل (١٦) بابًا أغلقته دونه حتى أفضى إلى امرأة وضيئة وعندها (١٧) غلام،


= عائشة أيضًا ٢/ ٣١٩، ح ١٥٥٣، وفيه لفظ: (أتخاف وأنت رسول الله)، وليس فيه: (وما يؤمنني)، وفيه: (أصابع الرحمن) بدلًا من (أصابع الجبار).
(١) لم أقف على القائل.
(٢) في (ع): فإنه من.
(٣) في (ع): غيرك.
(٤) في (ع): فصار.
(٥) في (ع): الطير.
(٦) العميم: التام، الصحاح ٥/ ١٩٩٢.
(٧) في (ع): فهبت، وفي (ظ): إذ هبت.
(٨) في (ع): يمشي، والصواب ما في الأصل؛ بدلالة كلمة (يصبح) التي بعدها.
(٩) مشترق، أي داخل في الشروق، القاموس المحيط ص (١١٥٨)، والمعنى: مضيء بنور الطاعة، وفي (ع، ظ) مشرق.
(١٠) في (ظ): بمعصية الله.
(١١) في (ع): تقدير العزيز الخلاق العليم وفي: (ظ): تقدير العزيز العليم.
(١٢) في المجتبى من السنن له ٨/ ٣١٥، ح ٥٦٦٦؛ ورواه ابن حبان في صحيحه ١٢/ ١٦٨، ح ٥٣٤٨؛ والبيهقي في السنن الكبرى ٣/ ٢٢٨، ح ٥١٧٦؛ قال الألباني: صحيح، انظر: صحيح النسائي ٣/ ١١٤٦ - ١١٤٧، ح ٥٢٣٦.
(١٣) العَلَقُ: الهوى، الصحاح ٤/ ١٥٢٩.
(١٤) (له): ليست في (ظ).
(١٥) طفق: جعل، الصحاح ٤/ ١٥١٧.
(١٦) في (ظ): دخلت.
(١٧) في (ع): عندها، من غير الواو.

<<  <  ج: ص:  >  >>